اللواء هامل مستعرضا التجربة الجزائرية في مكافحة الجريمة

المقاربة المتعددة الجوانب اعتمدت وتوجت بالمصالحة الوطنية

الضربات الاستباقية ضرورية لشل حركات الجماعات الإجرامية
 خلال مشاركته في المؤتمر الـ40 لقادة الشرطة والأمن العرب بتونس، يومي 07 و08 ديسمبر 2016، أكد اللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني، على أهمية التجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، والتي اعتبرها ثمرة سياسة المصالحة الوطنية التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وزكاها الشعب الجزائري برمته.
واعتبر اللواء أن التجربة الجزائرية الرائدة في مكافحة التطرف العنيف والإرهاب سمحت بالجزم على أن القضاء المطلق على الجماعات الإرهابية ليس بالأمر الهين، وذكر بأن الجزائر قاومت الإرهاب وحيدة بكل ما أوتيت من قوة وعزيمة، تمكنت من القضاء على هذه الآفة وخرجت منتصرة بفضل المقاربة المتعددة الجوانب التي اعتمدتها والتي توجت بالمصالحة الوطنية.
وأضاف اللواء هامل أن التصدي للإرهاب مسؤولية المجتمع الدولي كله وجميع المؤسسات في الدولة، وهو ما جعلها بعد تقييم دقيق للأخطار والتحديات الناجمة عن آفة الإرهاب وطنيا وإقليميا، تتبنى استراتيجية شاملة، منسجمة ومنسقة لمواجهته، تتماشى مع المعايير والقواعد الدولية المعمول بها في هذا الميدان، تراعي قيم ومبادئ حقوق الانسان في ظل السعي إلى السلم والأمن والتنمية.
استراتيجية مرجعية لتحييد التهديدات الأمنية
وثمّن اللواء سياسة المصالحة الوطنية التي كان لها الفضل في وضع حد للمأساة الوطنية واستعادة الأمن والطمأنينة في ربوع الوطن وبعث برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية واكتسبت بذلك تجربة رائدة في هذه المجال، مؤكدا أن الجزائر وضعت خبرتها، لاسيما جانبها المستمد من استراتيجية المصالحة الوطنية تحت تصرف المجتمع الدولي لدعم الجهود الدولية والإقليمية الهادفة إلى مكافحة الإرهاب وتحييد التهديدات الأمنية الخطيرة التي يشكلها، مستندة على مقاربة شاملة تقوم على مكافحة الجماعات الإرهابية دون هوادة وتجفيف منابع تمويل أنشطتها واستئصال الظاهرة من جذورها ومكافحة التجنيد للعمل الإرهابي أو مناصرته للوقاية من التطرف الديني والانحرافات الفكرية.
وذكر اللواء بالتوصيات الهامة التي اعتمدها المؤتمر في دورته الماضية، وشكلت فرصة جددت خلالها البلدان العربية المشاركة عزمها على تعزيز التعاون العربي والإقليمي والتنسيق المحكم بين الدول العربية، الذي يبقى ضرورة ملحة في ظل الأوضاع الراهنة، ولعل أبرزها تلك الصادرة عن اجتماع اللجنة المعنية بإعداد آلية لتعزيز وتسريع تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية العربية باقتراح من الجزائر السنة الماضية. بالإضافة إلى توصيات فريق الخبراء المعني بمكافحة الإرهاب والمؤتمر الـ19 للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب والمؤتمر الثاني للمسؤولين عن حقوق الإنسان وكذا الاجتماع الحادي والثلاثون لأجهزة المجلس.
واعتبر اللواء هامل أن هذا الوضع العام السائد جعل معظم الدول اليوم مهددة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بمختلف أشكال الإجرام العابر للأوطان الذي بات يعرف اتساعا كبيرا في نطاقه واحترافية عالية في أساليب ارتكابه، لاسيما وأنه يستغل كل ما أتاحه العصر الحديث من تكنولوجيات وبالأخص تكنولوجيات المعلومات والاتصال، مشيرا في نفس السياق إلى أن ظاهرة الإرهاب، التي تقودها حركات ومجموعات متطرفة، تأخذ اليوم أبعادا مطردة في المنطقة العربية وامتدادها الإفريقي، معتبرا أن المجموعات الإرهابية أصبحت ترتبط مع عصابات الإجرام المنظم والتي يتوقف استمرار وجودها على الأموال التي تتحصل عليها من مختلف أشكال التهريب كالمخدرات والأسلحة ومن خلال اختطاف واحتجاز الرهائن وطلب الفدية.
وأشار هامل إلى أن هذه العصابات تمكنت من الحصول، باقترافها لهذه الأعمال الدنيئة، على أموال ضخمة مكنتها من مواصلة أعمالها الإجرامية التي تقوم بها ضد بعض من دولنا ولعل أخرها الهجومات التي شنتها على رجال الأمن في بعض الدول العربية والتفجيرات التي قامت بها في بعض المناطق الأخرى، مضيفا أنه يجب الاعتماد أكثر على الضربات الاستباقية لشل حركات الجماعات الاجرامية ومنعها من الحصول على الأموال من مختلف المصادر وكذا العمل على حرمانها من كل أشكال الدعم المادي والتقني الأخرى الذي تتلقاه لتمويل وتنفيذ أنشطتها الإجرامية.
ومن جهة أخرى، وقصد ضمان «مكافحة فعالة»، شدد اللواء على ضرورة تطوير وتعزيز قدرات الدولة على مكافحة الإجرام والإرهاب وذلك من خلال تدريب الشرطة وتوفير تكوين نوعي لها حسب المعايير والمستجدات وتزويدها بالإمكانيات والوسائل الضرورية للقيام بمهامها على أحسن وجه، في إطار القانون واحترام حقوق الإنسان، مع تشجيع المجتمع المدني والمواطنين على المساهمة في هذه الجهود، بما يعزز ويخدم الأمن والاستقرار والسكينة العامة في البلدان العربية وإشراك مختلف المؤسسات كالشؤون الدينية، التربية، الشباب، وأجهزة الإعلام بمختلف فروعها في هذا المجهود.
إرفاق العمليات الردعية بمعالجة جذور التطرف وخطب التكفير
وأضاف اللواء أن العمليات الردعية لوحدها غير كافية إذا لم تكن مقرونة بمعالجة جذور الإرهاب ومختلف الظروف والأسباب المؤدية إلى تفشيه والتشجيع عليه خاصة من الجانب الفكري، مذكرا بأن الأحداث الأخيرة بالمنطقة أثبتت أن خطر الارهاب كبير يرمي إلى توسيع نطاقه، خاصة وأنه مدعم بالخطابات المتطرفة التي تروج وتستهدف الشباب مستغلة في ذلك لاستقطابه وتجنيده، كما تمت الإشارة إليه، التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال كالأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الجانب، أكد أن تعزيز مكافحة هذا النمط الخطير من الإجرام يقتضي أيضا تفعيل آليات المكافحة وتسخير الطاقات والإمكانيات اللازمة لمعالجته من مصدره الإيديولوجي وكذا أسبابه وآثاره ثم العمل على الحد منه والقضاء عليه، واعتماد مقاربة موحدة وعمل جماعي شامل قائم على التنسيق الفعال وعلى تعزيز التعاون مع مختلف المنظمات والهيئات العاملة في مجال مكافحته، كمنظمة «الأنتربول» التي تتوفر على قاعدة بيانات هامة والآلية الإفريقية للتعاون الشرطي، «أفريبول»، التي تم إنشاؤها مؤخرا وتتخذ الجزائر مقرا لها.
وخلص اللواء عبد الغني، في هذا المجال إلى أن عملية مراجعة وتفعيل الاتفاقيات الأمنية العربية التي تقوم بها الأمانة العامة للمجلس بالتعاون والتنسيق مع الدول الأعضاء ستعطي دفعا جديدا للتعاون العربي في مجال مكافحة مختلف أشكال الإجرام المنظم العابر للأوطان.
على هامش المؤتمر التقى عبد الغني هامل مع نظرائه من الوفود المشاركة للتباحث حول تعزيز سبل التعاون بين مختلف الدول العربية في القضايا التي تخص المجال الأمني، من تكوين وتدريب وتبادل الخبرات بين مختلف أجهزة الأمن والشرطة العربية.



 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024
العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024