حضرت الإدارة وغاب المنتخبــون

خسائر مادية معتبرة وخلل في مخطط الطوارئ لمواجهة التقلبات الجوية

 140  ملـــــم كميـــــات الأمطــــار المتساقطـــــة خـــــلال 48 ساعــــة الماضيـــــة

كشفت التقلبات الجوية والأمطار الغزيرة التي تهاطلت على ولاية معسكر، خلال اليومين الماضيين، عن عدة أوجه إيجابية، منها حضور السلطات المدنية والأمنية الفعلي والميداني لمواجهة خطر الفيضانات التي تسببت في خسائر معتبرة. وعكست أيضا صور التضامن بين السلطات المحلية والمواطنين، فيما أبرزت كثيرا الحلقة المفقودة في التسيير الناجع بسبب غياب المنتخبين المحليين عن تسيير الأزمة في الميدان وإيجاد حلول بسيطة لأكبر المشاكل والانشغالات.

لم يظهر أثر للمنتخبين المحليين على مستوى بلديات مطمور، معسكر، غريس، البرج، المحمدية وغيرها من المناطق التي تضررت كثيرا من الفيضانات. الأهم من ذلك، وبعد التحسن التدريجي للطقس بمعسكر، أبدى غالبية المواطنين تذمرهم من قصر فعالية مخطط الطوارئ الذي على الرغم من كل الخسائر المسجلة، تحمل عناصر الدرك الوطني وعناصر الحماية المدنية عبئه إلى جانب الإدارة ممثلة في رؤساء الدوائر الذين لم يقصروا في التواجد لمشاركة المواطنين المنكوبين معاناتهم كمسؤولين إداريين وكان ذلك كافيا جدا لاحتواء الوضع، رغم الإمكانيات المادية شبه المنعدمة.
مستشفى غريس يغرق للمرة الألف والحماية المدنية صنعت التحدي
لم تعد الفيضانات التي أغرقت مستشفى غريس بمعسكر بالمفاجأة أو الحدث المستجد، فهذه المؤسسة الاستشفائية المشيدة منذ عقود بالبناء الجاهز، اعتادت على الكارثة الطبيعية في كل موسم شتاء ماطر. إنما ما هو مخالف للطبيعة، أن يستمر تحول مستشفى عمومي إلى مسبح كبير، دون أن تتحرك السلطات المحلية لغريس أو تتأهب للتقليص من الظاهرة. فالتقلبات الجوية الأخيرة والمتوقعة، بحسب النشرية الخاصة للأرصاد الجوية، والتي ضربت بقوة عدة مناطق من الولاية خلال اليومين الأخيرين، كشفت عن مدى إهمال إعداد مخطط فعال للطوارئ، خاصة وأن المستشفى مشيد في منطقة مهددة بخطر الفيضان الذي لم تسلم منه المؤسسات العمومية الأخرى المشيدة بهذه المنطقة، على غرار ثانوية ومركز للتكوين المهني هي الأخرى غمرتها الأمطار الطوفانية، فضلا عن المقابر التي لم تسلم هي الأخرى من السيول التي عرت جزءً كبيرا من القبور بمقبرة سيدي بقنان بغريس.
تواصلت، إلى غاية صباح أمس، عملية إجلاء المرضى المحاصرين بالمؤسسة الاستشفائية بغريس التي غمرتها السيول، من طرف عناصر الحماية المدنية، حيث تم إنقاذ وإجلاء 236 شخص حاصرتهم المياه، منهم 60 مريضا من قسم الجراحة العامة والطب العام و16 طفلا مع أمهاتهم من قسم طب الأطفال و18 مريضا من قسم تصفية الدم و92 حالة أخرى تم نقلها إلى مستشفى معسكر، حيث تم ذلك من طرف فرق الغطاسين وفرقة الإنقاذ في الأماكن الوعرة عن طريق استعمال زوارق الإنقاذ بسبب ارتفاع منسوب مياه السيول إلى أكثر من متر ونصف. كما حاولت عناصر الحماية المدنية، قدر الإمكان، ضخ المياه التي غمرت الطابق السفلي للمستشفى وإجلائه للحفاظ على ما سلم من تجهيزات طبية. في وقت شكلت فيه مصالح الحماية المدنية لمعسكر خلية أزمة 24/24 على مستوى مركز التنسيق العملي لمتابعة آخر المستجدات الخاصة بفتح الطرق، إزالة الأوحال جراء الأمطار، سقوط الحجارة وارتفاع منسوب المياه بأودية الولاية. وعلى إثر جهودها التي قلصت من حدة الكارثة، لقيت عناصر الحماية المدنية إشادة كبيرة بجهودها من طرف المواطنين والسكان المتضررين، قاسمتها في ذلك جهود عناصر الدرك الوطني التي لم تتوان عن التدخل والتواجد بالأماكن المتضررة من السيول ومرافقة الحماية المدنية والمواطنين في صورة رائعة ومعبّرة تعكس حجم التعاون والتضامن بين هذه الأطراف وحسم الموقف بها لصالح الأجهزة الأمنية والجهات الإدارية.
وما لوحظ من طرف “الشعب”، كشاهد عيان تابعت مستجدات الوضع عن كثب، أن المواطنين المتضررين من الفيضانات بمعسكر، قد سعوا إلى تقديم المساعدة لعناصر الحماية المدنية والدرك في إجلاء العائلات المحاصرة بالسيول. وأجمل ما وقفنا عليه، قيام أحد المواطنين بنزع قبعة شتوية من على رأسه ليقدمها لأحد عناصر هذه الأجهزة وقد بدت عليها أعراض البرد والفشل جراء العمل المتواصل طيلة الليلتين الماضيتين.
فيضان وادي خصيبية بعد أن حول أحد الفلاحين مساره
طالب سكان القرية الفلاحية نواري حمو، المنكوبون بسبب الفيضانات، بفتح تحقيق معمق في ملابسات الكارثة التي تسببت لهم بخسائر معتبرة وأتلفت تجهيزاتهم المنزلية، إثر السيول الجارفة التي غمرت بيوتهم بسبب فيضان وادي خصيبية، حيث يحيط بالقرية الواقعة في مستوى منخفض من مدينة معسكر، حوالي 7 مجاري للأودية تعبر الأراضي الفلاحية بهذا التجمع السكني.
أوضح السكان المنكوبون، أنهم تعودوا على مرور السيول بمنطقتهم في كل موسم، كون بيوتهم واقعة في منطقة معرضة لخطر الفيضان، لكن ما تسبب في نكبتهم هو تحويل المسار الطبيعي لوادي خصيبية من قبل أحد الفلاحين، مخافة أن تغمر المياه الطوفانية محاصيله الزراعية فتتلفها، لتحدث الكارثة التي لم يتنبّه لها السكان المنكوبون إلا بعد أن استفاقوا من نومهم، ليلة السبت إلى الأحد، ليجدوا أنفسهم غارقين في المياه والأوحال التي غمرت غرف نومهم.
غير ذلك، أكدت العائلات المنكوبة أنها أمضت ليلة بيضاء تترقب عودة السيول التي خفت، ظهيرة أمس الأول، لكن مرت تلك الفترة بهدوء بفعل إعادة وادي خصيبية إلى مساره الطبيعي من طرف أحد السكان، بالرغم من كميات الأمطار الرعدية المتساقطة التي بلغت 70 ملم ليلة الأحد.
هدم عدة جدران واقية لتصريف السيول بمعسكر والمامونية
اضطرت الفرق العاملة، ومن أجل التحكم في الكارثة الناجمة عن التقلبات الجوية، إلى هدم الجدار الواقي للمسبح البلدي بالمنطقة الثامنة بمعسكر من أجل تصريف مياه الأمطار التي تسببت في قطع الطريق المؤدي إلى مستشفى مسلم الطيب. كما تم هدم جزء من جدار واق بغابة الزقور لصرف السيول التي كادت أن تجرف بعض البيوت الهشة في المامونية وجزء من محيط مستثمرة فلاحية بقرية نواري حمو لتغيير مجرى السيول وتحويلها عن التجمع السكني. فيما لم تجد هذه الفرق سبيلا لاحتواء الوضع الكارثي ببلديات مطمور والخلوية وماوسة، بسبب فيضان وادي ماوسة وعجز محطات تصفية المياه بهذه المناطق عن استيعاب الكمية الكبيرة من مياه الأمطار. غير ذلك طرح الوضع الكارثي عدة تساؤلات حول استعدادات الولاية لتطبيق مخطط الطوارئ ومدى جاهزيتها للتدخل في حالات كارثية مماثلة، سواء من حيث التأهب والاستعداد بتنقية مجاري الأودية وتنظيف البالوعات مسبقا، أو من حيث تسيير الأزمة بعد وقوعها، من خلال توفير ما يمكن توفيره وتسخيره من إمكانات مادية تكفل عودة المواطنين المنكوبين إلى حياتهم الطبيعية بعد تحسن الطقس.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024