في محاضرة بالمركز الثقافي الجزائري بباريس

بوعزارة يدعو إلى كتابة تاريخ الجزائر بعلمية وموضوعية

أسامة.إ

 

ألقى الكاتب الصحفي الأستاذ محمد بوعزارة محاضرة أمسية الخميس الماضي، بالمركز الثقافي الجزائري بباريس، تطرق فيها إلى تجربته مع الكتابة، كما تحدث عن محاولات البعض الإساءة لتاريخ الجزائر، قائلا إنها عملية عبثية يراد منها «تحريف وطمس تاريخ الجزائر المجيد ومحاولة للمساس بوحدة واستقرار الوطن».. كما تناول في محاضرته الأهمية التي تكتسيها مدينة باريس في وجدان المثقفين من كتاب وشعراء ومبدعين وفنانين.

في بداية الندوة، حيا الكاتب أرواح المثقفين الفرنسيين الذين تعاطفوا مع الثورة الجزائرية، على غرار فرانسيس جونسون، جان بول سارتر، هنري علاق، موريس أودان، جورج آرنو وهنري مايو وغيرهم، كما خصّ بالتحية أحد الحاضرين بالقاعة، وهو أحد أقارب الشهيد فرنون إيفتون الذي كان أول فرنسي مساند للثورة الجزائرية يعدم بواسطة المقصلة في سجن سركاجي إلى جانب 200 من شهداء المقصلة من أبناء الجزائر.
واعتبر الأستاذ بوعزارة أن الحديث عن التاريخ بين الجزائر وفرنسا فيه الكثير من الجراح والأوجاع، والكثير من الحقائق المغيّبة بفعل ما ارتكب ضد الجزائريين والجزائريات من فظائع، «لكنّ ذلك لا يجب أن يوقفنا عن الدعوة إلى إقامة علاقات تقوم على مصلحة الشعبين»، يقول بوعزارة، مضيفا بأن «من يمتلك الحس التاريخي إنسان يمتلك أنبل الأحاسيس والمشاعر الإنسانية الراقية، وفي مقدمتها الحس الوطني والحس بالحب وقبول الحوار مع الآخر مهما كانت الفروقات في اللغة والدين والحضارة والإيديولوجية والتاريخ».
وذكّر بوعزارة في محاضرته بما قامت به الجزائر وأسطولها البحري على مدى عدة قرون قبل الاحتلال، لمساعدة وإنقاذ فرنسا في أكثر من مرة من اعتداءات الدول الأوروبية عليها، كما حدث مع ملك فرنسا «فرنسوا الأول» الذي استنجد عام 1543 بالرئيس خير الدين، وكما حدث مع ملك الجزائر «حيدر» الذي استنجد به ملك فرنسا «لويس الرابع» عام 1591 حيث أنقذه من تحرشات عدد من ملوك وحكام بعض الدول الأوروبية ومن بينها إسبانيا وبريطانيا. وأوضح أن تلك المواقف والمساعدات التي قامت بها البحرية الجزائرية لحماية فرنسا لم تحل دون مشاركة فرنسا في حلف ثلاثي ضد الجزائر انتهى في الـ20 أكتوبر 1827 بتدمير الأسطول البحري الحربي الجزائري وهو الأمر الذي مهد للعدوان الفرنسي على الجزائر واحتلالها عام 1830.
وبعد تطرقه إلى رصد عدد المقاومات الكبرى ببلادنا ضد المحتل، أكد محمد بوعزارة على أن ثورة أول نوفمبر 1954 العظيمة لم تؤدّ إلى استعادة استقلال الجزائر فقط، ولكن إرهاصاتها وإشعاعاتها امتدت لتساهم في تحرير الشقيقتين المغرب وتونس وعشرين دولة من دول القارة الإفريقية.
كما اعتبر بأن مسألة التاريخ، بالنظر إلى أهمية دراسته وكتابته، تبقى عنصرا فاعلا في وحدة وصيانة الأمة، وأنه من هذا المنطلق لا يجب أن يترك للهواة والعابثين بكتابة ما يروق لهم من أهواء وأحكام، فالتاريخ سيكون بمثابة الإسمنت الجامع للأمة في حال كتابته كتابة موضوعية وعلمية بعيدا عن الهرطقات، ولكنه في نفس الوقت يصبح بمثابة الديناميت والمفجر إن وقع تحريفه والعبث به. وفي هذا الصدد، دعا بوعزارة المؤرخين النزهاء إلى كتابة تاريخ الجزائر «وفق المنظور العلمي القائم على الحقائق والوثائق والمذكرات والشهادات والمدونات، بعيدا عن الأهواء والجهويات الضيقة المقيتة التي لا تنسجم مع النظرة الوطنية».
إثر ذلك، قام كل من الأستاذ الجامعي د.جمال بن كريد والصحفية والشاعرة لويزة ناظور وسفيان غرباوي بتحليل مضمون كتاب بوعزارة «فن العبث بالتاريخ». وانتهت الندوة بنقاش تناول العديد من الجوانب التاريخية والثقافية والسياسية، قبل أن يقوم الكاتب بالتوقيع على عدد من كتبه ومن بينها كتابه الأخير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025