أكدت الأحزاب السياسية التي أعلنت دخولها المعترك الانتخابي المزمع شهر ماي المقبل ، على ضرورة الرفع من مستوى الخطاب السياسي، غير أن ما يدور من نقاشات في استديوهات القنوات التلفزيونية، وما يتخلله من ملاسنات و اتهامات وتقاذف للتهم يثبت عكس ذلك .
هذه الملاسنات التي يتابعها المواطن عبر الإعلام، من قبل قادة الأحزاب السياسية أو ممثلين عنها، خلال الحوارات أو اللقاءات التي تتم وجها لوجه، ومن خلال هذه الفضاءات التي من المفروض أن يرتقي فيها النقاش إلى مستوى الديمقراطية التي يتغنى بها الجميع، و أن يحترم فيها الرأي الآخر، بعيدا عن المغالاة و المزايدات، نجد أن مستوى الحوار لم يتغير عما كان عليه في الانتخابات السابقة، حيث تحولت هذه الفضاءات الإعلامية في أغلب الأحيان إلى “حلبات للتراشق بالتهم “ .
و أغرب ما في الأمر أن ممثلي هذه الأحزاب بالرغم من اختلافهم في الرأي، و التصورات علاوة على الإيديولوجيات التي يتبنونها ويدافعون عنها، إلا أنهم يلتقون في نقطة واحدة، هي ضرورة “أخلقة الحياة السياسية” انطلاقا من أخلقة الحوار السياسي، و الارتقاء به إلى مستوى تطلعات المواطنين، المتعطشين إلى خطاب خال من الغلو و لغة الخشب.
ما تشهده هذه الأحزاب من “تصادم في المواقف و الآراء “و غياب القدرة على إقناع الآخر بأسلوب ديمقراطي من خلال الإعلام، لن يختلف الأمر كثيرا خلال الحملة الانتخابية التي بدأت مبكرا، حيث كل يريد أن يفرض رأيه برفع الصوت، واستعمال اليدين، لتمرير الأفكار بصفة فيها عنيفة في أغلب الأحيان، ما يضطر منشطي الحصص التلفزيونية إلى توقيفها بحجة “الفاصل الإشهاري”.
ما تعرفه الساحة السياسية قبل أشهر قليلة من تشريعيات ماي 2017 ، من محاولات للأحزاب لبحث كيفية التموقع في الساحة السياسية، من خلال التحالف و الاتحاد، و تجنيد القاعدة النضالية، يحتاج إلى برامج يجد المواطن نفسه فيها، وتجيب عن انشغالاته بحلول عملية، لا “أفكار طوباوية” تحمله إلى جمهورية “أفلاطون”، تحفزه على التوجه إلى صناديق الاقتراع، و اختيار ممثلين جديرين بالثقة التي يضعها فيهم، و لا تتبخر أحلامه بعد ولوجهم المجلس الشعبي الوطني .
