كفاءة عالية للمفاوض الجزائري

الوحدة الترابية... أو مواصلة الكفاح المسلح

جمال أوكيلي

مصالح الثورة فوق كل إعتبار

في هذا اليوم الأغر لإعلان وقف إطلاق النار، الذي يبقى راسخا في ذاكرة الجزائريين، إستضافت جريدة «الشعب»، أمس، الباحث في التاريخ الأستاذ حسناوي محمد صالح لاستعراض الدلالات السياسية لهذا الحدث بعد ٥٥ سنة من وقوعه نتيجة التوقيع على اتفاقيات «إيفيان» والاستعداد لتنظيم الاستفتاء في ٣ جويلية والاستقلال في ٥ جويلية، هكذا كان تتويج الثورة الجزائرية، تلاه التفكير جليا في بناء الدولة الوطنية الحديثة.
في هذا الصدد، يرى الأستاذ حسناوي أن اتفاقيات إيفيان كشفت عن الكفاءة العالية للمفاوض الجزائري في استعادة كامل التراب الوطني، بما يترجم تلك التضحيات الجسام لأفراد هذا الشعب متجاوزا كل مناورات الوفد الفرنسي الذي أراد تنازلات غير معقولة، كفصل الشمال والجنوب وترك امتيازات أمنية وعسكرية لصالح بلاده.
وبحسب الأستاذ حسناوي، فإن مثل هذه الطروحات كانت مرفوضة جملة وتفصيلا من الجزائريين، مبدين كامل استعدادهم لمواصلة كفاحهم التحرري لاسترجاع، بالسلاح، ما يناور الفرنسيون عليه، من أجل التخلي عن مطالب حيوية، كانت من الأسباب المباشرة لاندلاع الثورة. وقد فهم هؤلاء هذه الرسالة الصادرة عن الجزائريين وما كان عليهم إلا تلبيتها فورا وإمضاء الإتفاقية، لتنتهي الأعمال الحربية بين الطرفين عند منتصف النهار من ذلك اليوم.
أمام هذا الإصرار من الوفد الجزائري المفاوض وإدراكه المسؤولية التاريخية الملقاة على كاهله، نوه الأستاذ حسناوي بقدرة الأعضاء المكلفين، منهم سعد دحلب، وبن يحي، ورضا مالك، وكريم بلقاسم، بإدارة هذه المفاوضات المباشرة وتفوقهم العريض في الحصول على موافقات بخصوص الأرض خاصة، التي لطالما ضحى من أجلها هذا الشعب. أما ما تبقى من مسائل تقنية فإن حلها يعتبر عاديا.
واعتبر الأستاذ حسناوي، أن المفاوض الجزائري إستمد قوة حرصه على مصالح الثورة من الثقة التي وضعتها فيه القيادة والشعب في آنٍ واحد، وهذا ما أدى إلى تسجيل المزيد من المكاسب فيما يتعلق باسترجاع السيادة الوطنية السلبية لأكثر من ١٠٠ سنة، نافيا أن تكون هناك خلافات عميقة حول ما تم التوصل إليه. كل ما وقع هو تحفظات قيادة هيئة الأركان على قضايا رأت أنها تحتاج إلى مزيد من التشاور للحسم فيها... تتعلق بالجانب الأمني والعسكري خاصة.
في هذا الصدد، فإن التصريحات الصادرة عن لخضر بن طوبال وسعد دحلب قبل وفاتهما، أشارت إلى أن الوفد الجزائري لم يتنارل أبداً عن المسائل التي كانت محل قلق البعض، إنما الهدف كل الهدف هو الدفع بالفرنسيين إلى الإسراع في التوقيع... ثم يبقى القرار النهائي في أيدي الجزائريين تجاه المواضيع الحساسة.
وكذب ضيف «الشعب» تكذيبا قاطعا ما يتداوله البعض، من أنه كان بالإمكان نقل مراسم التوقيع إلى بلد آخر، حتى لا يكون في الأراضي الفرنسية، وهنا قال الأستاذ حسناوي إن الوفد الجزائري لم يستعمل أبداً وسائل النقل الفرنسية، بل كانت سويسرية، وهذا دليل على تمسك الجزائريين بقرارهم السيادي، على أنهم في حرب ضرورس مع فرنسا، حتى أن الجزائريين رفضوا رفضا كاملا مصافحة الوفد الفرنسي إلى غاية جرّه إلى طاولة التوقيع.
في هذا السياق، كشف سعد دحلب في محاضرة ألقاها، أن جوكس هو الذي بادر بمصافحة الوفد الجزائري بعدما كان التيار لا يمر بين الوفدين خلال اشتداد النقاش إلى درجة التشنج في مسائل السيادة الوطنية. ولم يجد الفرنسيون أماهم سوى الخضوع للأمر الواقع... بعد سقوط كل الأوراق المستعملة... لتنتصر الجزائر على استعمار استيطاني ويبدأ عهد بناء الدولة الوطنية المعلنة في بيان أول نوفمبر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024