انطلقت، أمس، الطبعة 49 لعيد الزربية بولاية غرداية، تظاهرة تندرج في إطار جهود ترقية وتثمين هذا المنتوج الحرفي العريق الذي تحييه سنويا عاصمة وادي ميزاب، تحرص السلطات من خلاله على إبراز جانب من التراث الجزائري، تعكسه الرموز والنقوش التعبيرية التي تطبع هذه الحرفة النسيجية التي ذاع صيتها وطنيا ودوليا، تروي من خلالها حكايا ومشاهد مستوحاة من عمق هذا المجتمع، مبرزة البعد التاريخي والاجتماعي والثقافي لكل مدينة حضارية جسدتها لوحة فنية لأكثر من 130 حرفي.
مراسيم افتتاح التظاهرة جرت بحضور وزير التهيئة العمرانية والسياحة والصناعة التقليدية عبد الوهاب نوري والوزيرة المنتدبة المكلفة بالصناعة التقليدية عائشة تقابو والسلطات المحلية، تميزت باستعراض بهيج شاركت فيه شاحنات مرصعة بمنتوجات تقليدية في غاية الجمال، عكست من خلال ألوانها الزاهية ورسوماتها المعبرة مهارات المرأة الغرداوية، هذه المرأة التي حياها وزير السياحة في كلمته الافتتاحية لدى إعطائه إشارة انطلاق التظاهرة، حيث دعا إلى ضرورة رص الصفوف وإصلاح الذات لتفويت الفرصة على أعداء الجزائر وكل من تخول له نفسه المساس بوحدة الوطن.
نوري أكد كذلك في كلمته أن غرداية تشكل مهدا للحضارات والدليل على ذلك “ احتضانها لهذا العيد الذي يجمعنا بهذه الولاية سنويا، هذه المنطقة التي استهدفت في وحدتها وأمنها من قبل قوى الظلام والتي تمكنت من اجتياز محنتها بفضل تكاثف جهود أولادها وعلى رأسهم الجيش الشعبي الوطني ومختلف أسلاك الأمن”.
بدورها دعت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالصناعة التقليدية إلى ترقية وتشجيع المنتوج التقليدي والترويج له، كاشفة أن الإحصائيات الأخيرة لهذا النشاط بالولاية سجلت 6931 حرفي في الصناعة التقليدية الفنية، في حين بلغ عدد مناصب العمل المستحدثة 21 ألف و 296 منصب.
المناسبة شكلت فرصة لعشاق الصناعة التقليدية لاكتشاف تشكيلات من الزرابي التي أبدعت فيها أنامل المرأة الغرداوية حاولت من خلال رسوماتها المجسدة عليها إبراز جانب من التراث الجزائري فانطلاقا من منطقة القرارة بأقصى شمال الولاية إلى بريان والمنيعة مرورا بمتليلي، زلفانة، سبسب، حاسي لفحل بنورة، العطف، ضاية بن ضحوة، منصورة، قرارة، شكلت بألوانها التقليدية الزاهية وأشكالها الهندسية لوحة تشكيلية متناسقة عكست المهارات والقدرات والإبداعات الفنية .
وبرمج ضمن فعاليات افتتاح هذه التظاهرة التي تزامنت وحلول فصل الربيع، استعراض فلكلوري كبير عكس مشاهد من العادات والتقاليد الاجتماعية الراسخة التي تمتاز بها المنطقة على غرار الفرق الكشفية وفرق الجحفة والبارود التي تمكن أفرادها بأزيائهم من التعبير عن عشقهم للتراث الحرفي الأصيل للمنطقة.
التظاهرة كانت فرصة أيضا لعرض نماذج من الأدوات والمواد الأولية المستعملة في إنتاج الزربية وكذا مختلف تقنيات النسيج وأسرار الرسومات والألوان المعتمدة ودلالاتها الحرفية الفنية، عكست من خلاله أوجه تراث الصناعة التقليدية العريقة الذي تمتاز بها مختلف بلديات غرداية.
ليفسح المجال بعد الاستعراض البهيج الذي استمتع به حشد من الجماهير جزائريين كانوا أو وفودا سياحية تزامن حضورها وهذا العيد، لافتتاح معرض الصناعات التقليدية من طرف الوزيرين بقصر المعارض ببوهراوة العليا ببلدية غرداية مع انطلاق عملية دمغ الزرابي للمشاركين في المعرض إلى جانب تخصيص فضاءات خاصة ببيع الزربية التقليدية تحت إشراف بعض الجمعيات والمؤسسات المصغرة التي تنشط في مختلف مجالات الصناعة التقليدية.
وكانت المناسبة فرصة للوزيرين للوقوف على واقع القطاع ومختلف مناطق التوسع السياحي بالولاية، حيث أعطيت إشارة انطلاق أشغال تأهيل فندق الجنوب، وزيارة مشروع إنجاز نزل في إطار الاستثمار الخاص بمتليلي الجديدة، كما وقفا على مشروع إنجاز مركب سياحي حموي بزلفانة.
وسطرت السلطات المحلية ضمن فعاليات هذه التظاهرة باقة من الأنشطة الثقافية المتنوعة والمعارض المختلفة شكلت من خلالها فرصة هامة للحرفيين لعرض وتسويق المنتوجات التقليدية المختلفة.
وشهدت التظاهرة تعزيزات أمنية مشددة من خلال تكثيف الدوريات الراجلة والراكبة وفقا لمخطط تم تسطيره من طرف أمن ولاية غرداية يقضي بتأمين الحفل الشعبي الذي شهدته شوارع الولاية، حيث جندت جميع القوات والتشكيلات عبر كافة قطاع الاختصاص بالزي الرسمي والمدني مع إقامة نقاط مراقبة وتفتيش عبر مداخل ومخارج الولاية لرصد كل ما من شأنه أن يمس بهذه المناسبة وهذا حسب ما أفاد به بيان خلية الإعلام والاتصال لأمن الولاية.
