فراغ ملموس في تدريس التاريخ

مادة غير مثمّنة في الوسط الطلابي

جمال أوكيلي

هل يدّرس تاريخ الجزائر لطلابنا بالجامعة؟ من الصعوبة بإمكان الإجابة عن هذا السؤال كونه يحتاج إلى دراسة أكاديمية، إلا أن الواقع يكشف بأن هذه المادة الحيوية للأسف لا يتفاعل معها الكثير من الجامعيين، خاصة في الاختصاصات العلمية لماذا يا ترى؟ وما العمل؟

ففي الذكرى الـ٥٧ لإضراب الطلبة والتحاقهم بالثورة المباركة، جدير بأن نقيّم مدى إدراج التاريخ في مقررات الجامعة الجزائرية حتى نبقى على ذلك التواصل بين أبناء الجزائر، لينهلوا من قيّم هذه الثورة، منها العدالة الاجتماعية، التضامن ، الاحترام، التسامح وغيرها من المبادئ التي يستحيل العثور عليها في أي ثورة من ثورات العالم.
ويلاحظ أنه في كل الإصلاحات المتوجهة إلى التعليم العالي لا يدرج المحور الخاص بالتاريخ وإن كان موجودا وحاضرا في العلوم الانسانية، إلا أنه غائب في المواد  العلمية ولا يولي له أي اهتمام يذكر، ونعتقد بأن هذه المقاربة ولّدت ذلك الفراغ لدى الكثير من الطلبة، فمن الصعب سدّ هذه الفجوة بالسهولة المرجوة، لأن الأمر دقيق إلى درجة فعلا الشعور بتأنيب الضمير تجاه عدم هضم التاريخ الجزائري.
لذلك اقترح الطلبة عبر منبر ''ضيف الشعب'' صيغة أخرى لتحصيل التاريخ في الوسط العلمي وهو باستعمال وسائل اتصال حديثة حتى يتم تفادي النفور من هذه المادة، وفي مقابل ذلك تحبيبها إلى الجامعيين لمعرفة تاريخ بلادهم.
ولا نعتقد بأن هناك من يحذو هذا الحذو، لأن المسألة تعود في نهاية الأمر إلى الطلبة أنفسهم ومدى استعدادهم للتفاعل مع تاريخ بلادهم وليست قضية تكنولوجيات حديثة.. قد يفترض استخدام هذه الآليات الجديدة، لكن بالنسبة للكثير هو عدم إكتراثهم بالتاريخ الجزائري  مفضلين عدم الخوض في هذا الجانب، وكل الإشكال يكمن هنا، أي التواصل بين جيل الاستقلال وجيل الثورة.
صحيح أن الأمر صعب التحقيق، غير أن ١٩ ماي، يندرج ضمن استراتيجية الربط الدائم للطلبة الحاليين بالأولين  الذين استشهدوا من أجل الجزائر، وهذا الخيط حاضر في وجدان كل الجزائريين الأحرار الذين حقا يقدّرون تضحيات الرجال في تلك الظروف القاسية، وما على هؤلاء اليوم إلا الاحتفاظ بذاكرة مجاهدينا.
غير أنه لا يمكن السكوت عن إهمال مادة التاريخ في الجامعة الجزائرية، ووصولها إلى مستوى من الرفض الذي لا علاقة له سواء بالأمانة العلمية أو بالأخلاقيات المتعارف عليها، وهذا هو الواقع اليوم، لابد من تصحيحه أو تعديله. هي خيارات مطروحة بقوة ولا يعقل القفز عليها، لأن إقصاء مثل هذه المادة يعني ضمنيا أننا حرمنا أجزاءا هامة من معرفة تاريخ وطنها ومسار كفاح شعبها.
لذلك، فإن هناك علاقة وطيدة لا تنقصهم بين ''١٩ ماي  ١٩٥٦'' أي إضراب الطلبة وتفضيلهم الثورة على الشهادة والتفاعل المباشر مع الحدث في ٢٠١٣، عن طريق استحضار نضال هؤلاء واستذكار تعلقهم بالوطن.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024