حملة استفزاز وتطاول بعد نكسات دبلوماسية

الجزائر تكشف حقيقة المناورة المغربية للرأي العام

فنيدس بن بلة

ثقافة التضامن مبدأ ثابت في سياستنا الخارجية

عادت سعيدة بن حبيلس رئيسة الهلال الأحمر الجزائري إلى الحملة المغربية التي تستهدف رموز الجزائر وقيم شعبها وأنفته موظفة «ملف اللاجئين» ورقة ضغط، ابتزاز وتصفية حسابات سياسية. وأعطت بن حبيلس من منبر «ضيف الشعب» أمس قراءتها في الحملة التي لم تكن وليدة الظرف بل امتدادا لسياسة مغربية واحدة تتحرك في اتجاه العداء للجزائر كلما منيت بهزائم وإخفاقات بالصحراء الغربية التي تكسب بلا توقف الانتصارات الدبلوماسية وتحظى بالسند اللامشروط من قوى التحرر والانعتاق بصفتها قضية تصفية استعمار.
قالت بن حبيلس في قراءتها لما اتخذته بلادنا من تدابير عاجلة لقبول اللاجئين السوريين العالقين بالحدود المغربية متعرضين لأبشع اضطهاد وإساءة تضرب عمق التضامن الإنساني في شهر الرحمة، إن هذا القرار الذي ينم عن موقف مبدئي للجزائر قد أبطل مفعول الحملة المغربية وكشف البلد المجاور على حقيقته معيدا للأذهان تلاعبات المملكة التي لم تحفظ الدرس والتوقف عن التطاول والسير عكس التيار ومنطق التاريخ والقيم الإنسانية.
وتشكل هذه القيم على الدوام إحدى ثوابت السياسة الخارجية للجزائر التي يحتل التضامن الإنساني فيها حلقة مفصلية يترجمها احتضان بلادنا على مر الأزمات والطوارئ لآلاف اللاجئين من مختلف المناطق الإفريقية والعربية والتكفل بهم سرا وعلانية اعتقادا راسخا بحتمية تقديم المساعدة لأي إنسان في خطر.
ظهر هذا خلال 1984 عندما فتحت الجزائر حدودها لآلاف الأفارقة الفارين من جحيم الموت الحتمي جراء الجفاف الذي ضرب بلا رحمة منطقة الساحل.اطلع العالم آنذاك على صور التضامن الحية لسكان تمنراست الذين تهافتوا على النازحين وللتكفل بهم إلى جانب السلطات العمومية التي تحركت بعجالة لنجدة هؤلاء من المصير المجهول مرسخة قولا وعملا التكافل والتآزر الإفريقيين اللذين رافعت لهما من أعلى المنابر وأفسح الفضاءات وأقواها على الإطلاق.
ظهر هذا جيدا في حقب تاريخية متعاقبة واضطرابات جيو سياسية، حيث كانت الجزائر الحضن الدافئ لاستقبال اللاجئين من مختلف جهات دول الجوار العربية بدءا من 2012 نتيجة ما عرف بالفوضى الجنونية والدمار الجهنمي لما حمل من تسمية «الفوضى الخلاقة» وأجندات تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ.
وهي حالة حذرت الجزائر من وقوعها في ليبيا مرافعة للمقاربة السياسية والحوار الليبي ـ الليبي بعيدا عن التدخل العسكري للناتو ومن يدور في فلكه. وهي مقاربة لازالت ترافع من أجل تكريسها في سوريا وفي مختلف الجهات العربية التي تعيش استنزافا حقيقيا فتحت المجال لنزوح الملايين هروبا من الجحيم.
على هذا الأساس استقبلت الجزائر 40 ألف لاجئ سوري ووفرت لهم شروط الحياة الإنسانية مبدية تضامنا مطلقا معهم. وهذه الحفاوة والرعاية تنم عن علاقات أخوة كبيرة بين البلدين نسجت عبر العصور وزادتها قوة ومتانة احتضان دمشق رائد المقاومة الوطنية الأمير عبد القادر وما قام به من دور بناء في تعزيز أواصر التواصل والتكامل بين الجزائر ودمشق لا زال التاريخ يشهد عليه.
فليس من صدف الأشياء أن تجد الثورة الجزائرية المظفرة السند. وتحظى بالمرافقة والمرافعة لتقرير المصير من سوريا التي تحدت فرنسا التي وقعت هي أيضا فريسة لاحتلالها في فترات سابقة. ليس من الصدف أن تجد القضية الجزائرية الدعم من سوريا قيادة وشعبا وتدون في قصائد كبار الشعراء منهم الراحل سليمان العيسى الذي اعتبر شاعر الثورة الجزائرية وأحد الفطاحلة العرب الذين دونوها في قصائد خالدة.
فقد ظلت العلاقات بين الجزائر وسوريا في حركية وتطور منذ الاستقلال مرسخة روابط لا تتأثر بأي طارئ .لا ننسى الموقف التاريخي لدمشق أثناء عشرية الجنون الإرهابية وبقائها وفية لمساندة الجزائر رافضة فرض التأشيرة على الجزائريين الذين وجدوا في الشام وجهتهم في وقت أدار كثير من الأشقاء والأصدقاء ظهرهم لنا فارضين حظرا علينا منساقين وراء الحملة المسعورة «من يقتل من» دون الأخذ في الاعتبار ما حذرت منه الجزائر بأن الإرهاب لا لون ، لا دين ولا وطن له وجرائمه عابرة للحدود.
استقبال الجزائر للاجئين السوريين هو موقف مبدئي ثابت لسياستها التي ترافع لضرورة البحث عن حلول تعالج المأساة الإنسانية من جذورها ولا تبقى على النزيف المدرج ضمن أجندات قوى خارجية في صراع جيو استراتيجي مفتوح من أجل المصالح والنفوذ.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025