برزت من جديد ظاهرة رمي الجزائريين للخبز وبوتيرة أكبر خلال الشهر الفضيل فلا تخلو حاويات القمامة من أكياس الخبز، وأحيانا ترمى على الأرض رغم وجود مساحات مخصصة لجمعه، بعد أن باتت تلك الأماكن لا تستوعب حجمها.
الملفت للانتباه أنه لم تعد نفايات الجزائريين تقتصر فقط على رمي الخبز، بل تعدى الأمر إلى رمي وجبات بأكملها، ما يطرح التساؤل عن مدى تحلي المواطن بالثقافة الاستهلاكية، لأن الأمر وصل إلى حد التبذير في وقت لا تجد عائلات ما تسد به الرمق ومنها من تنتظر قفة رمضان لتصطدم بعدم وجود اسمها فتجد نفسها صائمة ليل نهار، وفي المقابل هناك من يبذر ولا يعير لحاجة هؤلاء أدنى اعتبار.
حقيقة تصطدم بها وترسم ألوانها الحاويات والقمامات بالعاصمة، الشاهدة العيان على عادات تبذير الجزائريين وانعدام الثقافة الاستهلاكية وميلهم إلى الإسراف، إذ تجدهم يعمدون إلى الأسواق لشراء ما لذ وطاب من حاجيات رمضان بعضهم باقتصاد وفق الحاجة وكثير منهم بتبذير يتنافى مع الحكمة التي شرع الصيام من أجلها، فتكون النتيجة التخلص من فائض الخبز والحلويات والوجبات برميها في القمامة ليصطدم الجزائري مرة أخرى بواقع مرير دفعه إلى ذلك سوء التخطيط.
وكانت مؤسسة «إكسترانات» قد سجلت خلال السنة الجارية إلى غاية شهر ماي استرجاع أكثر من 22 طنا من الخبز، فما بالك بالشهر الفضيل، حيث تفتح مطاعم الرحمة أبوابها أمام المحتاجين وعابري السبيل والعائلات المعوزة.
في هذا الإطار ندد مصطفى زبدي رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك في تصريح لـ «الشعب» بظاهرة التبذير والإسراف لاسيما خلال الشهر الفضيل وإن بدأت تسجل تراجعا محسوسا مقارنة بالسنوات الماضية لا سيما الخبز، وهذا لعدة أسباب أهمها وعي المستهلك لاسيما بآثار التبذير الاجتماعية والاقتصادية وحتى من الناحية الدينية، وهذا بفضل العمل التحسيسي لجميع الأطراف كالتجار، الشؤون الدينية من خلال المنابر المسجدية والجمعيات وكذا وسائل الإعلام، ناهيك عن تدني القدرة الشرائية.
وبخصوص ظاهرة رمي الوجبات في المزابل، قال زبدي إنها صورة أخرى للتبذير العائلي وإن كان لم يعد يسجل، مقارنة بالتبذير المؤسساتي موجها أصابع الاتهام إلى الإطعام المؤسساتي كالمستشفيات الإقامات الجامعية المطاعم الجماعية، هذه الأخيرة التي التحقت بها مطاعم الرحمة، الأمر الذي يدعو - حسبه- إلى تشديد الرقابة وتحمل المسؤولية وعدم تحضير وجبات تفوق توقعات الحاجيات الضرورية.
وعاد زبدي إلى التذكير بالجانب الديني الذي يحارب كل إسراف وتبذير، وأن الإسلام يحاسب كل من يؤذي شجرة بنزع ورقها، فما بالك إن تعلق الأمر بنعمة من نعم الله كالأكل وما يدخل في هذا الإطار من مكون استهلاكي الذي يمر بعدة مراحل ليكون صالحا للإنسان وفي الأخير يرمى دون الأخذ بعين الاعتبار للعواقب الوخيمة لذلك وتأثيره على الاقتصاد الوطني.