بادرت وزيرة التربية الوطنية السيدة بن غبريط بمخاطبة المترشحين لامتحانات البكالوريا التي تنطلق الأحد القادم عبر صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي(فايسبوك)، التي بعد أن كانت تحمل نشاطاتها البروتوكولية سجلت هذه المرة نقلة نوعية بالتوجه إلى التلاميذ المقبلين على موعد هام في مسارهم التعليمي تدعوهم إلى الاحتراس من الوقوع في فخ مواقع مضللة تشوش على التركيز المطلوب وتصيب حتى النجباء لوقوعهم تحت تأثير المحيط التكنولوجي سيئ الاستعمال. ويبدو أن الوزيرة التي لاحقتها عمليات تسريب مواضيع امتحانات البكالوريا في السنوات الأخيرة اقتنعت بأن خير أسلوب للوقاية منها يكمن في مخاطبة المترشحين مباشرة طالما أن تكنولوجيات الاتصال الجديدة تسمح بذلك وأكثر، فدعتهم في فيديو إلى التركيز على التحصيل العلمي والتعليمي السنوي والاستثمار في القدرات الشخصية لتأسيس جدار ضد الرداءة التي أنتجها الغش وروج لها المستفيدون منه. وأبرزت أهمية تكافؤ الفرص بين أبناء الجزائر الذين يتنافسون في حقل العلم والمعرفة ومن الضروري حمايته من أدنى تسلل للغش على اعتبار كما حرصت عليه بن غبريط أن الجودة في المدرسة وخاصة على مستوى محطة الانتقال إلى الجامعة هي الضامن لمستقبل الأجيال وتحصين حظوظ الجزائر في مجابهة العولمة دون تنكر للانتماء الأصيل. إن طريقة التواصل مع «مجتمع البكلوريا» مباشرة وبهذه الطريقة هو رد عملي وناجع على من ركبوا شبكات التواصل الاجتماعي لاستعمالها سلبيا، ومن ثمة لا ينبغي ترك تلك الفضاءات التكنولوجية لمجانين يعانون من داء التشكيك والإشاعة وعرقلة كل ما يعتبر في نظرهم مخالفا لمصالحهم ويتعارض مع مشاريعهم التي تزدهر في الفوضى وفي ظل اتساع رقعة الرداءة.
لقد خاطبت العقل وحركت الضمير قصد التقليل من الضغط على من يخوضون «معركة الباك» معتمدين على إرادة صلبة ترتكز على مجهودات سنة كاملة من البذل والعطاء والمعاناة في ظل محيط اقتصادي واجتماعي سريع التغير وتغلب عليه في غالب الأحيان مؤشرات تدعو للإحباط والاستسلام، لكن هيهات أن يستسلموا للأمر الواقع بقدر ما يحرصون كل على حسب مقدرته وإمكانياته لمجابهة الامتحان بسلاح العلم حتى تستمر مسيرة ديمقراطية التعليم التي تعتبر حجر الزاوية للدولة الجزائرية. ولأنها القاسم المشترك بين الجزائريين جيلا بعد جيل، ينبغي أن تحاط المدرسة بكافة أطوارها بالحماية والمرافقة والتقدير من كافة الشركاء بما في ذلك الطبقة السياسية التي تفرض عليها المواطنة البقاء على مسافة بعيدة منها والمساهمة عند الاقتضاء في تنمية وتحصين المدرسة، حيث تذوب الفوارق وتنسجم الأجيال وتترسخ الهوية وتبنى الشخصية الجزائرية، لأن العبور إلى المستقبل يكون عبر جسر المدرسة التي سوف تتطلب المزيد من الموارد والإمكانيات التي تسخرها المجموعة الوطنية لتأمين حق التمدرس للأجيال القادمة انسجاما مع الدستور، بحيث لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون ضحية أوضاع لا ضلع لها فيها.