استحسنوا تكفل سكان الأوراس بهم

أكـــــثر مـــــن 500 مهاجـــــر إفريقـــــي غـــــير شرعـــــي في باتنـــــة

باتنة: لموشي حمزة

يعود مرة أخرى ملف المهاجرين الأفارقة إلى السجال السياسي والاجتماعي بالجزائر والتداول على أكثر من صعيد، حتى في الفضاء الأزرق، نظرا لتزايد عددهم في كل ولايات الوطن. وتشهد عاصمة الأوراس باتنة بدورها «نزوحا» غير مسبوق لهذه الفئة من المهاجرين التي دفعتها ظروف الحرب والفقر إلى النزوح من دولتي مالي والنيجر وغيرهما، إلى قطع آلاف الكيلومترات للوصول إلى الجزائر البلد الوحيد المستقر أمنيا واجتماعيا وسياسيا.

كشفت زيارة ميدانية قامت بها جريدة «الشعب» بباتنة حقيقة «مرة» و»مؤلمة» لأكثر من 500 لاجئ يعيشون في ظروف صعبة.
اتخذت الحركة منذ بداية الهجرة واللجوء باتجاه ولاية باتنة أمكنة عدة من محجرة غير مستغلة بالمدخل الجنوبي للمدينة، والمحاذية للمفرغة العمومية للنفايات الهامدة ملجأ لهم ولأولادهم.
أقاموا بها خيما من البلاستيك والقش وبقايا مواد جمعوها من لوازم وخردوات متنوعة تتعلق أساسا ببقايا مواد البناء بعدما تم طردهم في أكثر من مرة من عديد المنازل والورشات السكنية المهملة للمبيت فيها، بعد العودة مساء من شوارع وسط المدينة التي ينتشرن بها  للتسول.
ويقصد أغلب اللاجئين الأفارقة باتنة، كونها تحمل خصوصيات، على غرار ربطها الشمال الجزائري بالجنوب الكبير وكثرة المواقع المهملة القابلة للسكن، حيث تحصي المصالح الأمنية المختصة عشرات المهاجرين الأفارقة رفض الكثير من هؤلاء الالتحاق بدار التضامن التي خصصت لرعايتهم من طرف مديرية النشاط الاجتماعي.
 وكشف محافظ شرطة محمد بن عشي رئيس خلية الإعلام والاتصال والعلاقات العامة بأمن باتنة لـ «الشعب»، أن المهاجرين غير الشرعيين القادمين من مالي والنيجر يتخذون من ولاية باتنة نقطة عبور بين الشمال والجنوب، ما صعب من تحديد تعدادهم والتحكم في تنقلاتهم، كونها غير منتظمة ومتعددة الاتجاهات، غير أن أغلبها يكون في اتجاه ولايات الشمال خاصة الساحلية منها.
كما أكد عدم تسجيل أي شكاوى من طرف السكان ضد المهاجرين غير الشرعيين القادمين من مالي والنيجر.
وقد دفعت الوضعية المزرية التي يعيشها الأفارقة بعض المتطوعين في المجال الخيري، على غرار جمعية شباب أصدقاء بلدية باتنة، إلى تنظيم قافلة تضامنية تتكون من أطباء وممرضين وتقنيين في الصحة متطوعين، بالإضافة لفريق من البهلوانيين للترفيه عن الأطفال، بغرض تقديم بعض المساعدات الطبية والغذائية والأغطية وملابس، في التفاتة تعكس قيم المجتمع الجزائري وتتماشى مع التوجه العام للدولة الجزائرية وتصريحات الوزير الأول عبد المجيد تبون.
القافلة التضامنية كشفت عن إصابة العديد منهم بأمراض خطيرة، كرمد العيون والجرب والتهاب الكبد الفيروسي وسط الأطفال وكبار السن والنساء، بحسب ما أكده سمير بوراس، رئيس الجمعية لـ «الشعب»، الذي أشار إلى أن مكان إقامة اللاجئين الأفارقة يهدد بكارثة صحية ويشكل خطرا على الصحة العمومية في حال لم تتدخل الجهات المعنية لتنظيم تواجدهم، كون الظروف التي وقفت عليها القافلة التضامنية أكدت تحول «القرية الإفريقية» بباتنة إلى بؤرة للأوبئة التي لم يعد لها مكان في الجزائر، خاصة بعد اكتشاف أعراض عديد الأمراض من طرف الأطباء الذين فحصوا اللاجئين، وأغلب تلك الأمراض تحتاج لمتابعة طبية صارمة، خاصة بعد إبداء عيادات خاصة استعدادها للتكفل ببعض الحالات مجانا.
وقد كشفت الزيارة التي قادت «الشعب» إلى القرية الإفريقية بباتنة، إلى اكتشاف عالم آخر مستقل بذاته، حيث أصبح المهاجرون الأفارقة يمارسون مختلف الأنشطة التجارية فيما بينهم، على غرار بيع المأكولات وكذا الأدوية يقتنونها بفضل صدقات المحسنين وتبرعاتهم وكذا قيام بعض الشباب منهم بالعمل في ورشات البناء ورفع مختلف الحمولات، كما يوجد لديهم مسجد لأداء مختلف الصلوات والشعائر الدينية.
وقد استحسن الأفارقة اللاجئون بباتنة تصريحات مسؤولي الدولة الجزائرية بخصوص وضعيتهم وكرامتهم المحفوظة انطلاقا من قيمها الأصيلة، بفضل الإرادة السياسية، وهي تبذل كل ما في وسعها من جهد ليكونوا معززين خاصة ما تعلق بالخدمات الصحية.
الجدير بالذكر، أن باتنة تعرف توافدا غير مسبوق للرعايا الأفارقة من النازحين عبر الحدود الجنوبية يتوافدون مشيا على الأقدام من قريتهم يوميا إلى وسط المدينة ومختلف أحيائها الشعبية وطرقها الرئيسية مصطحبين معهم أبناءهم الصغار وحتى الرضع حاملين أغراضهم وبعض المواد الغذائية التي يقدمها لهم مواطنون كإعانات، والتسول إلى غاية الفترة المسائية ليعودوا أدراجهم مشيا على الأقدام بسبب رفض أصحاب الحافلات نقلهم.
بدورهم مستعملو هذه الطرق والفضاءات يشتكون من إقدام الرعايا الأفارقة على خلق فوضى في المساجد وكذا تخوف سائقي السيارات من تسجيل حوادث نتيجة محاولات توقيفهم بالقوة واعتراض طريقهم للتسول، كما يحدث بممرات الاستقلال وقرب كلية الحقوق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024