السياحة... الحلقة الأضعف في الاقتصاد الوطني

حكيم بوغرارة

يشرف موسم الاصطياف على نهايته وحال السياحة في الجزائر يراوح مكانه، فالجزائريون مازالوا يحجون لتركيا وتونس ووجهات أخرى لقضاء بعض أيام الراحة ويعودون وهم محمّلين بذكريات لا تنسى، تجعلهم يحنون لتلك الأماكن ويتمنون العودة إليها السنة المقبلة مرفقين بعائلاتهم ورفقاء جدد في سياق القيام بالترويج للوجهات الأجنبية بالمجان من دون شعور.

السائح الجزائري الذي يُتّهم بعدم تفضيل الوجهات الداخلية له مبرراته. فالعديد يروي عن ما تعرّض له من معاناة الظفر بشقة أو غرفة فندق في الولايات الساحلية، وبين تفاوضه في الهاتف وعندما يصل يضطر للقبول بالإهانات والابتزاز من أجل عيون أولاده وزوجته، وحتى لا يكسر خاطرهم في قضاء بعض أيام الراحة، يتنازل عن جزء من كرامته ويصبر على هذا الابتلاء حتى يزداد ندمه على عدم مرافقة زميل له أو قريب للخارج.
حقيقة أن أصحاب الشقق والسكنات في الولايات الساحلية يستفيدون فقط من عملية التأجير في موسم الاصطياف، لكن بفرض أسعار تصل 8000 دج لليلة الواحدة، وفي بعض الأحيان بدون مكيف هواء ولا مياه في الحنفيات وبجيوش من الناموس ومختلف الحشرات، وهو أمر غير مقبول ويجعل الزبون يفكر جيدا السنة المقبلة قبل المغامرة، لأن بعض الإعلانات الحائطية تعرض قضاء عطلة في الخارج من 07 أيام وفي فندق 03 نجوم والنقل مضمون مقابل ما يدفعه البعض في تأجير الشقة في 5 أيام بالجزائر.
تمر الأيام والأعوام ومسؤولو قطاع السياحة في الجزائر يتحدثون عن الإحصائيات والأرقام والمشاريع، بينما يغيب الحديث عن مساهمة السياحة في الناتج الداخلي الخام وعدد مناصب العمل التي وفرتها، في مشهد يدعو إلى ضرورة مراجعة الاستراتيجية الوطنية للسياحة والبحث عن شركات أجنبية توظف تجربتها في تدارك تأخر هذا القطاع في الجزائر، التي تصنف بما تكتزه من قدرات، من أحسن الوجهات، لكن عدم الاستثمار وضعف الخدمات جعلها تتذيل التصنيف العالمي في التدفق السياحي.
لم نفصل بعد في مجانية الشواطئ من عدمها!
يتواصل الجدل كل عام حول مجانية دخول الشواطئ من عدمها، حيث مازلنا لم نتفق بعد والخاسر الأكبر هو الخزينة العمومية. فبعض الخواص الذين يستثمرون في السياحة لا شيء بالمجان عندهم، من الحظيرة إلى الدخول، مع العمل على عدم السماح للزوار بإدخال المأكولات حتى يفرضوا عليهم اقتناء ما يحتاجونه بأسعار غالية جدا ومنه ضمان مداخيل كبيرة تسمح لهم باسترجاع أموال الاستثمارات في أقرب وقت.
أما الاستثمارات العمومية فحدث ولا حرج، الكل يتفنّـن في فرض مجانية كل شيء حتى تعم الفوضى، ثم يتوقف كل شيء في مفارقة لم نعد نفهم معناها.
وتبقى مسابح صابلات أكبر مثال على الخلل في تسيير الاستثمارات العمومية، فالخدمات رديئة مقابل تشغيل عشرات الشباب دون فائدة. والمتجول في هذا الفضاء يلاحظ التمييز في معاملة الأفراد، فجزء يتحصل على شمسية وجزء آخر يقبع تحت أشعة الشمس الحارقة، بحجة أن هؤلاء عائلات والفئة الأخرى شباب.
عقدة البترول لم تنته...
يكشف واقع السياحة في بلادنا تواصل سيطرة عقدة البترول على الاقتصاد الوطني والحديث عن تطوير السياحة والفلاحة لم يتعد أسوار البرلمان وأوراق الصحافة. فالمطالبون بالاستثمار في السياحة والفلاحة هم أول زبائن المواد المستوردة وأول الذين يحجزون في الخارج لقضاء عطلهم في الخارج، لهذا لم نسمع إلى غاية يومنا أي رد فعل تجاه تضييع موسم سياحي كان يمكن أن يكون قيمة مضافة للخزينة العمومية التي تعاني شح الموارد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024