تستقبل العائلات البجاوية فصل الربيع في أجواء احتفالية بمختلف المناطق، حيث تعتبر هذه المناسبة التي ستحلّ بشراها قريبا عيدا كبيرا للفرح والابتهاج وتيمن الجميع بالفأل الحسن، ورغم اختلاف طرق استقباله إلا أن التقاليد والأعراف تصب كلها في وعاء واحد، حيث تمثل نهاية الشتاء وبداية فصل الخير.
في هذا الصدد تقول نسيمة من منطقة «إعمرانن»، «تحتفل الأسر ببجاية بفصل الربيع الذي يعتبر للكثير من المواطنين موسما فلاحيا يدرّ عليهم الرزق والبركة كما يجلب لهم خيرات الطبيعة، وتحرص النسوة سيما في الأرياف على الخروج إلى الحقول والأراضي الزراعية، مع اعتدال الجو لقطف الثمار وجلب مختلف الأعشاب المشهورة بالمنطقة ومنها «أذرييس»، لاستعمالها في إعداد أطباق الكسكسي الذي يوضع عليه البيض المسلوق والتين المجفف.
علما أن هذا الطبق خاصة له فوائد غذائية، نكهة لذيذة، رائحة طيبة، كما تحضّر ربات البيوت «الخفاف» لتخفيف عبء أيامهم حسب اعتقادهم، متمسكات بعادات أجدادهن المتوارثة، فضلا عن الخروج للمساحات الخضراء للاستمتاع بدفء الجو والمناظر الطبيعية الخلابة، وكذا اغتنام الفرصة للتكافل والتضامن، حيث يشتركون في ذبح ثيران يتم توزيعها على الفقراء وهي عادة يطلق عليها إسم «لوزيعة»، وهي من العادات المتجذرة في أعماق السكان، كما أنها موروث اجتماعي وثقافي يبرز مظاهر التآزر والرحمة.
إحياء عادة وجبة «أذريس» يقول عنها مواطن من سيدي عيش، تعتبر أهم الأعياد التقليدية المحلية لأنها تعدّ عيدا كبيرا للفرح والبهجة، فهي فرصة للاستبشار بموسم فلاحي ناجح مليء بالخير والبركة، كما تحضر العائلات مأكولات بسيطة وشهية، وتتمثل الاحتفالات في إعداد وجبة «أذرييس»، حيث يتوجّه الرجال إلى الجبال بحثا عن جذور نبتة «أذرييس»، كما يحضرون أنواعا مختلفة من النباتات الطبيعية، على غرار أوراق الزيتون، الصفصاف، وبعض الحشائش المختلفة.
ويتمّ غسلها من طرف النسوة ووضعها داخل قدر كبير تضاف إليه أكبر كمية من البيض، وما إن يبدأ بالغليان ويخرج البخار تضع النسوة الكسكسي الممزوج بالحمص وحبات الفول إلى غاية الفوران، ويقدّم على شكل طبق مزين بالبيض المسلوق وهو بمثابة لقاح طبيعي لكل الأمراض.
