الحوار الاجتماعي القلب النابض للتوّجهات الاستراتيجية

فضيلة بودريش

مازال الحوار الاجتماعي بين الفاعلين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، يمثل صمّام أمان للاستقرار والسلم الاجتماعيين، وفي كل مرة يدعو رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الأطراف الفاعلية من أرباب عمل وشركاء اجتماعيين، إلى تنظيم لقاءات ثلاثية والاجتماع لدراسة الملفات ومراجعة الإجراءات وبعض القوانين السارية، من خلال الجلوس على طاولة واحدة مع الحكومة، وكرّس رئيس الجمهورية خلال الأربع سنوات من عهدته الحالية ثقافة الحوار وساهم بتوصياته وتوجيهاته في تعميقه بين مختلف الشركاء، الذين برغم اختلاف أفكارهم وتوجهاتهم، لكنّهم في كل مرة يتوصلون إلى قرارات حاسمة تصبّ في إطار دعم التنمية والحفاظ على مناصب الشغل وتشجيع المؤسسة الإنتاجية على مواصلة تحديات الانتاج بهدف التموقع عبر الأسواق الداخلية والخارجية.
بفضل رؤية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وقناعته الراسخة بأهمية الحوار في النهوض بالآلة الإنتاجية وإرساء الاستقرار الاجتماعي وبعث التنمية الاقتصادية، صارت الجزائر بتجربتها النموذجية في الحوار الاجتماعي مرجعا حقيقيا باعتراف المكتب الدولي للعمل، بل الرائدة عربيا وإفريقيا في هذا المجال وتستحق أن تنشر ليحتذى بها من طرف العديد من الدول.
ولم يتوقف السيد الرئيس عند الدعوة لعقد القمم الثلاثية والاجتماعات الثنائية بين الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، بل كان يتابع كل صغيرة وكبيرة تجري باهتمام كبير وما يفضي إليه النقاش، ويقوم بالتوجيه تارة وتارة أخرى بالمساهمة بمقترحات بنّاءة لتقريب وجهات النظر ومن أجل التقاء الشركاء في موقف واحد، مع حثهم على مواصلة الحوار الذي دون شك وفي كل مرة، يفضي إلى مكاسب تضاف إلى عالم المؤسسات وللعمال كذلك.
وفيما يتعلّق بالشقّ الاجتماعي كانت المحافظة على التماسك الاجتماعي وحماية القدرة الشرائية في صدارة اهتمامات رئيس الجمهورية، ولعلّ الزيادات التي كانت تصبّ في أجور العمال والموظفين، والحرص على دعم الفئات الهشّة من خلال التحويلات الاجتماعية المعتبرة، تعكس مدى حرص الرئيس على الدفاع وحماية القدرة الشرائية للجبهة الاجتماعية، في إطار العدالة الاجتماعية باستمرار وبمتابعة خاصة.
ومن أبرز المكاسب التي مازالت سارية ويعوّل عليها في تفعيل التنمية الاقتصادية خارج قطاع المحروقات، العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو وتجسيد النموذج الاقتصادي الجديد، الذي يرمي إلى بعث النمو وتوسيع نطاق الاستثمار خارج قطاع المحروقات، ويضاف إلى كل ذلك الرؤية الإستراتجية للسيد الرئيس التي تحمل الكثير من الأبعاد الإستشرافية البناءة ذات بعد عميق، حيث تدعو في نفس الوقت عالم الشغل إلى إعادة الاعتبار للعمل حتى يعيش الجزائري بعرق جبينه.
وفي رسالة الرئيس إلى العمال بعثها في الفاتح ماي 2017، جدّد التأكيد على الحفاظ على مكسب السلم الاجتماعي في عالم الشغل والاستمرار في تكريس الإصلاحات الاقتصادية، حيث أوضح الرئيس بوتفليقة قائلا: “..وهذا التحدي يقتضي الحفاظ على السلم الاجتماعي داخل المؤسسات وفي جميع فضاءات العمل لكي تؤتي الجهود المبذولة أكلها المرجو في مجال تحديث أداة الإنتاج والتقدم في إصلاحات المحيط الاقتصادي. والتحدي هذا يوجب تحسين إنتاجيتنا وتنافسيتنا الاقتصادية بحيث تصمد مؤسساتنا  محليا أمام المنافسة الخارجية ويغزو إنتاجنا الوطني الأسواق الخارجية..”
وخصّص رئيس الجمهورية في نفس الرسالة توصيات لأرباب العمل من أجل توسيع وتعميق الاستثمار المنتج: “..والتحدي هذا يفرض على أرباب العمل المحليين، هم أيضا، واليوم أكثر من ذي قبل، أن يقووا الاستثمار في جميع القطاعات ويعمموه على كل مناطق بلادنا. والدولة عازمة على مرافقة جهود ترقية الاستثمار الوطني والاستثمار بالشراكة، بدعمها المتعدّد الأشكال، وتحسين المحيط الاقتصادي، وقصارى القول، إن التحدي هذا يقتضي من السلطات العمومية الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين من خلال التصدي بحزم لجميع أشكال المضاربة في السوق..”.
وخلاصة القول، أن هذا التوجّه وجد الصدى لدى قيادة المركزية النقابية، حيث اعتبرته عمودا فقريا لحماية عالم الشغل من الاهتزازات الاقتصادية والاجتماعية، علما أن الحوار يصنّف لدى الشريك الاجتماعي مكسبا في أدبيات المركزية النقابية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024