مواصلة تعزيز مسار تحسين مناخ الاستثمار

تفادي المديونية الخارجية وحماية مكاسب عالم الشغل

سعيد بن عياد

حافظت السنة الماضية من العهدة الرابعة لتولي الرئيس بوتفليقة مقاليد الدولة على وتيرة التنمية وإن عرفت بعض المعوقات بفعل التداعيات المباشرة للصدمة المالية الخارجية. وتعكس التوازنات الكبرى استقرارا ملحوظا بعد أن تمّ تجاوز الظرف للمرور إلى سنة 2018، بنفس العزيمة لخوض التوجهات الجديدة وذلك باتخاذ تدابير استعجالية لمواجهة العجز الأمر الذي حافظ على شعلة الاستثمار.
 رغم صعوباتها المالية فقد صدمت السنة في وجه الأزمة من خلال الحرص على استكمال مشاريع وإطلاق أخرى في مشهد يأبى أن يتعطّل بقدر ما يلوح في الأفق بمكاسب أخرى سوف تتحقّق خاصة إذا تضاعف الالتفاف الوطني حول خيار الخروج من دوامة أزمة تتطلّب مواجهة بالعمل والمبادرة أكثر من الحثّ في الأسباب والمبررات.
 تميز المناخ الاستثماري بإجراءات جديدة لتعزيز مختلف الجوانب التي تثير جذب المتعاملين على غرار معالجة مسائل جوهرية مثل العقار الصناعي والمرافقة الشاملة للمؤسسات الإنتاجية في ظلّ تمسك بثوابت اقتصادية وطنية بامتياز مثل قاعدة 51 / 49، وحماية الإنتاج الوطني والدفع إلى التصدير والشراكة الأجنبية التي أعطت ثمارا ملموسة في قطاعات خارج المحروقات، رغم استمرار بعض الأوساط في إثارة مخاوف غير مطروحة وقابلة للنقاش بدليل أن مشاريع عدة تجسّدت مثل تلك التي تندرج في تركيب السيارات يفتح المجال أمام وكلاء وفقا لدفتر شروط جديد والنسيج والإسمنت الذي دخل مرحلة التصدير لأول مرة بعد اشباع الطلب الداخلي والحديد والصلب بإنشاء مشاريع جديدة مع متعاملين من الوطن العربي.
 وحظي مناخ الاستثمار، كما هو حاليا، بمتابعة حثيثة من رئيس الدولة خاصة على مستوى اجتماعات مجلس الوزراء، الإطار الفعّال والملائم، لإسداء التوجيهات وإعطاء التعليمات وضبط الإجراءات التي تؤطر المنظومة الاقتصادية وتسطر لها الآفاق وفقا لرؤية متوسطة وطويلة المدى من أجل انجاز مسعى بناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع مندمج ضمن الخيارات الكبرى مثل التحكم في الطاقة وترشيد النفقات وتنمية الانتشار الاستثماري في الهضاب والجنوب، حيث قدّم التقسيم الإداري بإحداث ولايات منتدبة جديدة إضافة ملموسة على صعيد إسقاط بقايا الحواجز والمعوقات البيروقراطية.
 كما تعزّزت مساحة استعمال التكنولوجيات الرقمية في المشهد الاقتصادي، خاصة ما يتعلّق بالخدمات الموجهة للمتعاملين والمستهلكين من خلال الرفع من درجة إدخال الدفع الالكتروني في دواليب النظام المصرفي والمؤسساتي بما في ذلك الهيئات ذات الصلة مثل مواصلة رقمنة السجل التجاري وتنمية مسار أرضية البيانات المعلوماتية وفقا لشبكة شاملة وفعّالة تندرج في إطار استكمال بناء المجتمع الالكتروني. لذلك كان للنظام المصرفي موعد خلال هذه السنة مع إدراج الصيرفة الإسلامية في المعاملات كآلية من شأنها أن تستوعب السيولة المالية التي لا تزال خارج الإطار البنكي الرسمي سواء في السوق الموازية أو مخزنة لدى أصحابها وضخّها في الدورة الاقتصادية للنمو عن طريق الرفع من وتيرة تمويلات الاستثمار المنتج، خاصة في ظلّ شحّ الموارد المحصلة من المحروقات وتفاديا لتوسيع دائرة الإصدار النقدي الذي تمّ اللجوء إليه كآخر حلّ في خيار استثنائي متحكّم فيه لمعالجة العجز في الميزانية.
 ولئن كانت هذه السنة على درجة من الصعوبة بفعل التداعيات المباشرة لأزمة الموارد النفطية، فإنها كانت بالمرصاد بدرجات متفواتة لانزلاقات محتملة أمكن تفاديها، مثل اللجوء إلى المديونية الخارجية أو غلق اضطراري لمؤسسات عمومية بسبب ظروف مالية أخلت بتوازنها وما يترتّب عنه من تسريح للعمال، وكان أبرز مكسب في هذه السنة ينبغي الإشارة إليه الحفاظ على مكاسب عالم الشغل وبالذات حماية القدرة الشرائية رغم تآكلها نسبيا تحت تأثر تراجع قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية والإبقاء على الدعم لعدد من المواد الغذائية الأساسية واغلبها مستورد انسجاما مع الطابع الاجتماعي للدولة الوطنية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025