بالزغاريد والتكبيرات ووجوه تملؤها الحسرة، استقبل سكان ولاية تندوف جثامين 09 شهداء أقلتهم الطائرة العسكرية القادمة من مطار بوفاريك إلى مثواهم الأخير في آخر رحلة لهم في هذه الحياة، فبالرغم من هول الفاجعة وعظم المصاب إلا أن سكان تندوف خرجوا عن بكرة أبيهم لتوديع شهداء الأربعاء الأسود، أطفال، شيوخ، نساء، شباب، عائلات بكاملها رحلت تاركةً خلفها جراحاً عميقة وسط هذا الشعب، فلا دموع اليوم إلا على الشهداء.
نُكست الأعلام و صمتت الطبول، فاليوم لا صوت يعلو فيه على صوت تكبير المكلومين وزغاريد الثكلى، اصطفت الجموع وسويت الصفوف ونادى منادٍ من بعيد أن يا أيها الشعب بُشرى لهؤلاء بالشهادة، وبشرى لذويهم بالجنة، وبشرى لكم على صبركم بقضاء الله وقدره، فالطائرة العسكرية لم تسقط بل هبطت في جنة الفردوس.
كم كانت قاسية تلك اللحظات الأخيرة من حياة شهداء الوطن، وكم كانت قاسية تلك اللحظات وهم يُزفّون بالزغاريد والتكبيرات إلى مثواهم الأخير، وكم كانت صعبة لحظة توديع «بوغنامة سليم» لعائلته، زوجته وأبناؤه الأربعة، عائلة بكاملها قضت نَحبها في حادث تحطم الطائرة، فقد كانوا يوماً ها هنا بين ظهراننا يلعبون ويمرحون في أزقة الحي العتيق، واليوم يُحملون على أكتاف جنود تخنقهم الدموع في جنازة عسكرية مهيبة إلى مقبرة موساني، حيث مثواهم الأخير.
مئات المصلين يتقدّمهم اللواء «سعيد شنقريحة» قائد الناحية العسكرية الثالثة و»أمومن مرموري» والي تندوف والسلطات المحلية عسكرية وقضائية ومدنية قدموا التعازي لعوائل الشهداء، في حين خصّصت فعاليات المجتمع المدني مقر الكشافة الاسلامية بتندوف لتلقي التعازي، حيث نُصبت مجموعة من الخيم وسط الساحة المجاورة لمقر الكشافة وتمّ جمع التبرعات من طرف سكان الولاية لإطعام عابري السبيل صدقة على أرواح الشهداء، في مشهد ليس بالغريب على سكان الولاية الذين تعوّدوا على روح الألفة والتآزر ونبذ الخلافات والنعرات إذا تعلّق الأمر ببلد اسمه الجزائر، فكانوا يداً واحدة في المحنة، فالمصاب هو مصاب كل الجزائريين.