أحترم الشيخ فركوس رغم أننا نختلف معه فكريا
قال رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ عبد الرزاق قسوم، أمس، أن أطرافا خارجية تعمل على نشر الفتنة الطائفية في الجزائر بهدف زعزعة الاستقرار والتأثير على المرجعية الدينية الوطنية المستمدة من السلف الصالح.
أوضح الشيخ قسوم قائلا: «إن هناك جهات خارج الوطن لا يسعدها أن تكون الأمة الجزائرية موحدة في دينها وعقيدتها الأصيلة»، مضيفا أن الأطراف -لم يسمها- تعمل على نشر الفكر الطائفي لزعزعة الاستقرار الذي تعرفه الجزائر في حين أن هناك عدة دول عربية عرفت هزات عنيفة أودت بها في صراع مستمر إلى اليوم، قائلا أن تلك الأطراف نفسها لا يسعدها حال البلاد مستقرة.
وأكد الشيخ قسوم في رده على سؤال الشعب حول ما إذا ما كانت أطراف تستهدف الجزائر وذلك خلال نزوله على منتدى يومية «لو كوريي دالجيري» الناطقة بالفرنسية، أمس، بالعاصمة أن الخلاف الذي يطغى على الساحة الوطنية بين بعض العلماء والمفكرين تغذيه أطراف تسعى جاهدة لتحريف رسالة الإسلام السمحاء لدى المواطنين الجزائريين، داعيا في نفس الوقت الأمة إلى تفادي الخلافات وجعل الوطن والدين المصلحة العليا لتفادي الفتن الطائفية.
وأوضح الشيخ قسوم، أن المرجعية الوطنية تبقى صمام أمان أمام كل هذه التوجهات الفكرية والنحل التي تواجه البلاد، في وقت تعرف الساحة الوطنية صراعا بين تيارات دينية بسبب غياب ثقافة الحوار التي ينبغي أن يتحلى بها كل المفكرين لمواجهة القضايا الكبرى والمشاكل الدينية والدنيوية.
وأرجع رئيس جمعية العلماء المسلمين الخلاف الدائر حاليا بين المفكرين إلى غياب مجلس فتوى وطني يرجع إليه الناس في مختلف القضايا الكبرى والمسائل المعقدة سواء في الدين أو ما تعلق بالجانب الإجتماعي وحتى السياسي للبلاد، موضحا أن المسائل الدينية البسيطة يتكفل بها أئمة المساجد، سيما ما تعلّق بالفقه وأصوله.
وفي رده على سؤال حول أهمية مفتى الجمهورية في تفادي الخلافات قال الشيخ قسوم أنه يعارض تماما فكرة أن يسند أمر الأمة الجزائرية إلى شخص واحد، ولكن ينبغي أن يكون هناك مجلس إفتاء يضم عددا من المشايخ والعلماء في تخصصات مختلفة تسمح لهم بدراسة المسائل الدينية الكبرى، مشيرا الى أن مفتي الجمهورية لا يمكنه بأي حال الإلتزام بالحياد التام في معالجة القضايا ذات البعد الوطني.
ورفض الشيخ قسوم توسيع دائرة الخلاف بين العلماء الجزائريين حتى لا يختلط الأمر على المواطنين، وذكر أنه يحترم أراء الشيخ محمد فركوس رغم أنه يختلف معه في الكثير من القضايا الدينية، التي تبقى محل خلاف لكن لا يجب أن تكون موضعا للصراع الديني، في حين رفض بشدة الإساءة إلى الفكر السلفي وإلصاقه بتيارات فكرية قد تكون خطرا على مرجعيتنا الدينية الوطنية المبنية على تيار سلفي معتدل مستمد من السنة النبوية، وهو ما تأسست عليه جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في عهد عبد الحميد بن باديس.
وفي سياق آخر حول الخلافات في مواقيت الإفطار والإمساك بين علماء الدين والعلم، أبرز قسوم أن العالم لوط بوناطيرو لديه رأي خاص في ذلك ونحن نحترمه ولسنا متأكدين لحد الساعة من الأدلة الكافية، وأعلن أن الجمعية قررت تنظيم لقاء في القريب يجمع المختصين في المجالين لبحث مسألة التوقيت التي تطرح بشكل دائم على الساحة الوطنية، في حين أشار إلى أن دور العلم في توضيح المسائل الكونية المتعلقة بالدين يعني ان هناك تكامل بين العلمين الذي يكمل بعضهما البعض.
وتأسّف الشيخ قسوم لوجود فراغ ديني في وسط المجتمع الذي لازال يطرح مسائل الإختلاف بين المفكرين رغم أن الإسلام السمح والمعتدل هو نهج الأمة الجزائرية، التي هي بحاجة إلى رعاية حقيقية من مؤسسة دينية توضح كل الخلافات، وذكر أن جمعية العلماء المسلمين كانت تحظى بهذا الدور، لكن للأسف تراجع دورها وهي في وضعية ضعيفة من الناحية المالية ما لم يمكنها من أداء مهمتها الأساسية التي تأسست عليها، مناشدا السلطات إلى الالتفات لحالها.
وتطرّق الشيخ قسوم إلى المدرسة الجزائرية وما تعرفه من خلل في المنظومة البيداغوجية، داعيا المسؤولين عليها إلى إخراجها من الصراع الأيديولوجي الذي يؤثر سلبا على المستوى التعليمي للتلاميذ، موضحا أن انتقاده لوزيرة القطاع نورية بن غبريت نابع من وعي الجمعية بدور المدرسة في النهوض بالأمة ولا يعني ذلك انتقاصا من عملها في تسيير القطاع.