تعزيز الشّفافية الاقتصادية وحماية قيمة الدّينار
أثار قرار رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، برفع قيمة “المنحة السّياحية” السّنوية للمواطنين إلى 750 يورو بدلاً من 100 يورو، تفاؤلاً واسعاً في الأوساط الشعبية منذ الإعلان عنه أول مرّة، خاصة وأنه يأتي في سياق جهود حثيثة لتعزيز الشفافية الاقتصادية، وحماية قيمة الدينار، وتقليص نفوذ السوق الموازية للعملة الصعبة.
وأجمع العديد من الخبراء والمواطنين على أنّ هذه الزيادة ستمنح السائح الجزائري أريحية مالية أكبر، ما يمكنه من توسيع خياراته للسفر إلى وجهات أوروبية وعربية كانت في السّابق خارج متناوله.
القرار التاريخي الذي دخل حيز التنفيذ، يسعى إلى تمكين المواطنين من مواجهة التكاليف الأساسية للسفر في ظل ارتفاع الأسعار عالمياً. ويعكس هذا التعديل اهتمام السلطات بتحسين ظروف المواطنين عند سفرهم، ما يحقّق التزام الرئيس تبون بجعل المواطن الجزائري خطا أحمر، ويجعل مصالح المواطن فوق أي اعتبار.
شروط ميسّـرة وتسهيـلات في الصّـرف
للاستفادة من هذه المنحة، يتوجّب على الراغبين استيفاء شروط بسيطة تتمثّل في حيازة جواز سفر صالح، تأشيرة سارية، وتأمين سفر. سيُسلم المبلغ بالدينار بما يوازيه بالعملة الصعبة. ولتسهيل العملية، أكّدت مؤسسة ميناء الجزائر وشركة تسيير مصالح ومنشآت مطار الجزائر عن تهيئة وفتح مكاتب إضافية لصرف العملة الصعبة في المحطات البحرية والجوية للمسافرين، حيث يمكن للمسافر الحصول على المبلغ مباشرة من أكشاك بنك الجزائر بعد إبراز وصل الإثبات وبطاقة الرّكوب.
ضربـة للســّوق الموازيـــة وتعزيــــز لثقـــة الدينـــار
تُعد السّوق الموازية للعملة الصعبة أحد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الجزائري. في هذا السياق، يهدف رفع المنحة السياحية إلى تقليص الاعتماد على هذه السوق، إذ يتوقّع أن يلبّي جزءاً كبيراً من احتياجات المواطنين بالعملة الصعبة بشكل رسمي، ممّا يقلّل من الطلب على العملة في السوق غير الرسمية، ويساهم في تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية.ويتّفق الخبراء الاقتصاديون على أنّ القرار “حصيف” و«مهم جداً”، مؤكّدين أنّ الظروف الاقتصادية الراهنة تسمح بإعادة تقييم المنحة السياحية لصالح المواطنين، خاصة وأنّ هذا الإجراء سيعوض انخفاض قيمة المنحة السابقة، وسيمكن السائح الجزائري من “ضمان شروط إقامة مشرفة”.إنّ قرار الرئيس تبون برفع منحة السياحة، يعزّز - دون شكّ - ثقة المواطنين في السياسات الاقتصادية للدولة، ويشجّع على التعامل مع القنوات الرسمية، ما يسهم في تقليل التهرب الضريبي وزيادة الإيرادات الحكومية.
آثــار اقتصاديـة إيجابيــة شاملــة
على صعيد الإقتصاد الكلي، يدعم رفع منحة السياحة المواطنين المسافرين للخارج، ما يعزّز السياحة المتبادلة ويزيد التفاعل مع الأسواق الدولية، الأمر الذي قد يجذب المزيد من الاستثمارات السياحية، ويعزّز مكانة الجزائر كوجهة سياحية واستثمارية. كما يساهم القرار في تحقيق استقرار أكبر لسوق الصرف بتقليص الطلب على العملة الصعبة في السوق الموازية، وهو عامل حيوي لجذب الاستثمارات الأجنبية.
إنّ رفع منحة السياحة في الجزائر إلى 750 يورو خطوة استراتيجية متعدّدة الأبعاد، تتجاوز كونها مجرّد إجراء مالي لتكون جزءاً من رؤية أشمل لتحسين رفاهية المواطنين، تقوية الاقتصاد، وتقليص الاعتماد على السوق الموازية للعملة. ونجاح تنفيذ هذا القرار بشفافية، سيمثّل خطوة هامة نحو تحقيق التوازن الاقتصادي واستقرار السوق، مع تعزيز ثقة المواطنين في السياسات الحكومية.