تشجيع التنافسيــة بـين البنــوك وتسريـــع الدفـع الإلكـتروني والخدمات الماليـة
بابـو: فضـاء عملــي وفعّـال لأصحاب المبـادرات الاقتصاديــة والمستثمرين
قوادري: البنوك شريــان الإقتصـاد الحيـوي وليسـت شبابيـك للإيــداع والسّحـب
هيشـور: الشبـاب المبـدع يحتــل موقعـا مركزيــا في معادلــة التنميـة الوطنيــة
انطلقت، أمس، أشغال الصّالون الوطني الأول للخدمات المالية الموجّهة لدعم الاستثمار، تحت شعار “تمويل 2025”، والذي نظمته المؤسّسة الجزائرية لدعم الشباب وتنمية المقاولاتية، بالمدرسة العليا للفندقة والإطعام في الجزائر العاصمة. وتستمر فعاليات هذا الحدث على مدار ثلاثة أيام، بمشاركة أكثر من 50 عارضا يمثلون مختلف الفاعلين في مجال دعم المقاولاتية.
ويهدف صالون “تمويل 2025” إلى إبراز الحلول المالية والتقنيات الحديثة الداعمة للاستثمار، خاصة في ظل التحفيزات التي توفرها الدولة للمستثمرين الجزائريّين والأجانب. كما يسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، بينها تسهيل التواصل المباشر بين المستثمرين ومؤسّسات التمويل، توسيع الشمول المالي، تعزيز الابتكار في القطاع، تشجيع التنافسية بين البنوك، تسريع رقمنة الدفع الإلكتروني والخدمات المالية، عرض تجارب وآليات التمويل الدولي، وصياغة توصيات لتطوير الإطارين القانوني والمالي للاستثمار في الجزائر.
وأكّد رئيس المؤسّسة الجزائرية لدعم الشباب وتنمية المقاولاتية، محمد أسامة بابو، في كلمة له خلال إشرافه على افتتاح فعالية “تمويل 2025”، أنّ الصالون “ليس مجرّد تظاهرة اقتصادية، بل هو لبنة أولى في مسار بناء ثقافة تمويلية جديدة، تكون أقرب للمؤسّسة، أكثر فهما للتحديات، وأكثر قدرة على دعم النمو الوطني”، ليعلن عن نية مؤسّسته في بداية التحضيرات لإطلاق أشغال المنتدى الوطني لرفع نسبة الإدماج الصناعي بالمناولة وتحصيل المطابقة وتطوير الإنتاج.
وفي سياق متّصل، قال بابو إنّ “تنظيم “تمويل 2025” في نسخته الأولى، لم يكن وليد صدفة، بل هو ثمرة إرادة جماعية ومسار تشاركي، سعينا من خلاله إلى خلق فضاء عملي وفعّال يلتقي فيه الفاعلون في القطاع المالي من بنوك، وصناديق ضمان ومؤسّسات تأمين، البورصة، وهيئات تمويل المشاريع الناشئة، مع أصحاب المبادرات الاقتصادية والمستثمرين والباحثين عن حلول تمويلية ناجعة”.
البنــــوك شريــــان الإقتصــــاد الحيـــوي
بدوره، أبرز محافظ صالون الخدمات المالية الموجّهة، محمد علي قوادري، أنّ الطبعة الأولى تعرف مشاركة أزيد من 50 عارضا، كما يتوقّع استقبال أكثر من 1600 زائر ومشاركة مستثمرين ورواد أعمال وممثلين عن البنوك والمؤسّسات المالية والهيئات الداعمة للاستثمار، إلى جانب ممثلين عن وزارات ومؤسّسات عمومية وخاصة.
واعتبر قوادري أنّ الإقبال المسجّل يعكس مدى الالتزام والوعي بأهمية التعاون المشترك، لافتا أنه تمّ تسجيل أكثر من 1600 زائر عبر المنصة الإلكترونية، كلهم من حاملي المشاريع الباحثين عن مصادر تمويل، وتسهيل وصولهم إلى صناع القرار في قطاع البنوك والإيجار المالي، إضافة إلى التعرّف على المنتجات البنكية الموجّهة للاستثمار، وأضاف أن الفرصة ستكون متاحة لهم كي يعقدوا الصفقات مع شركات التأمين وإعادة التأمين، والاستفادة من الامتيازات التي تقدمها على مدى أيام الصالون.
وأشار المتحدث إلى أنّ هذا الصالون هو الأول من نوعه الذي يجمع صناع القرار المالي بالفاعلين الأساسيّين في القطاع البنكي والتأمينات مع المستثمرين، حيث يهدف إلى شرح واقع تمويل المشاريع الاقتصادية في جو عائلي يسوده التعاون والتفاهم، ويرمي إلى تشبيك مدروس يؤسّس لبيئة مالية صحية، تقضي على التخمينات السلبية، وتدحض الشائعات التي قد تضر بسمعة مؤسّساتنا المالية.
وفي سياق متّصل، أوضح قوادري أنّ الصالون يتوافق تماما مع برامج الحكومة للنهوض بالقطاع البنكي بالجزائر، وتطوير خدمات التأمين وإعادة التأمين، مشيرا إلى أنه يمثل محطة لتسليط الضوء على الزوايا التي ما تزال في طور التحيين والتطوير لتواكب السوق الدولية، وترفع وتيرة التكنولوجيات الرّقمية.
وأكّد محافظ الصالون على الأهمية التي تكتسيها البنوك، لافتا إلى أنها “شريان الاقتصاد الحيوي، وليست مجرّد مؤسّسات مالية، ذات شبابيك للإيداع والسحب فهي قاطرة البناء والتنمية، وفاعل أساسي في تجسيد البرامج الحكومية الطموحة لدعم البنية التحتية والمشاريع الكبرى.
ويوفر الصالون -يقول قوادري- منصات ثرية عبر ورشات عمل متخصّصة ينشطها نخبة من الخبراء الماليّين وشباب حاملي الأفكار المبتكرة، وستكون هذه الورشات قضاءات للنقاش البناء، بهدف الخروج بحلول ملموسة تساهم في تطوير الخدمات المالية وحماية البيانات البنكية.
تعزيز الإطار القانوني للبنوك الرّقمية
من جهته، وفي مداخلة له بعنوان “مستقبل البنوك الرّقمية في الجزائر بين التشريع والواقع”، اعتبر المدير العام لمخبر الإبتكار المالي “فيلاب الجزائر”، إكرام الدين هيشور، صالون التمويل منصة شاملة تجمع بين الفاعلين في القطاع المالي وقطاع التأمين ومختلف مؤسّسات الدعم ورواد الأعمال، ما يجعله فرصة سانحة لتبادل الخبرات والتجارب الميدانية من خلال مشاركة النخبة والمختصّين، في رسالة واضحة مفادها أنّ الجزائر جادة في مسعاها لبناء اقتصاد رقمي مرن ومندمج، يعتمد على المعرفة والإبتكار، ويمنح الشباب الحامل للأفكار المبدعة موقعا مركزيا في معادلة التنمية الوطنية، كما يسلّط الضوء على بعض النقاط التي تحيط بمستقبل البنوك الرّقمية في الجزائر بين الواقع والتشريع في ظل الإمكانات المتاحة، والتحديات الراهنة.
وأضاف المدير العام لـ«فيلاب الجزائر”، أنّ مستقبل البنوك الرّقمية في بلادنا يبقى مرهونا بمدى استجابة المؤسّسات المعنية لمتطلّبات السوق الوطنية، وسرعة تأقلمها مع التغيرات والتطورات التي تفرضها التكنولوجيات الحديثة، حيث قال في نبذة عن بدايات المالية الرّقمية، إنّ “التطرّق إلى هذا الموضوع يعود بنا إلى بدايات ظهور البنوك الرّقمية في سبعينيات القرن الماضي مع إدخال أجهزة الصراف الآلي، ثمّ التسعينيات مع أولى بوادر المعاملات البنكية عبر الإنترنت، وفي مطلع الألفية، ظهرت أولى البنوك الرّقمية في الولايات المتحدة، ليشهد العالم بعدها قفزة نوعية في المعاملات البنكية، وجعل من الرّقمية معيارا وليس مجرّد خيار”.وفي السياق، استعرض المحاضر أهم الخدمات الرّقمية المتاحة حاليا، على غرار إمكانية فتح الحسابات عن بعد، والتحويل الفوري للأموال، والتطبيقات المصرفية عبر الهواتف الذكية، والدفع الإلكتروني عبر الإنترنت، بالإضافة إلى تسهيلات القروض المصغّرة وخدمات كشف الرصيد عبر الوسائط الرّقمية.
وأشار هيشور إلى التطور القانوني الذي عرفته المنظومة المالية، ثمّ جاء القانون 09/23 المتضمّن القانون النقدي والمصرفي الذي أسّس لإصلاح شامل، وأدرج البنوك الرّقمية ضمن المنظومة البنكية الجديدة.
وفي أكتوبر 2024 -تابع هيشور- صدر الأمر 04/24، الذي وضع القواعد التفصيلية لتأسيس هذه البنوك، وآليات رقابتها، ومهّد لانطلاق هذا النموذج في السوق الوطنية، حيث يعد النص القانوني الأكثر دقة حتى اليوم، إلا أنه “وبالرغم من توفر الإطار القانوني، لا تزال الجزائر تنتظر ولادة أول بنك رقمي فعلي يعمل بشكل مستقل تماما عبر الوسائط الرّقمية دون الاعتماد على فروع مادية”، مؤكّدا أنّ كل المؤشّرات الميدانية تظهر خصوبة وقابلية السوق المحلية لاحتضان هذا النوع من البنوك، حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنيت 30 مليون مستخدم، كما بلغت نسبة التغطية المصرفية 43 بالمائة، حسب البنك الدولي، وهو ما يؤكّد أنّ السوق الجزائرية لا تزال غير مشبّعة -كما يقول- وأنّ “الطلب على الخدمات المالية الرقمية في تزايد مستمر”.
ومن أجل تحقيق انتقال سلس وناجح نحو البنوك الرّقمية، أوصى المدير العام لمخبر الابتكار المالي، بتعزيز الإطار القانوني لتأسيس وتشغيل البنوك الرّقمية، وإنشاء بيئة تنظيمية تجريبية تسمح باختبار الابتكارات المالية، وتطوير البنية التحتية الرّقمية الوطنية وربطها بالمعايير الحديثة. كما دعا إلى دعم برامج تكوين الكفاءات البشرية في المجال الرّقمي والمالي وتعزيز الحملات التحسيسية المتعلّقة بالأمن السيبراني، والعمل على سدّ النقص في الكفاءات العلمية في هذا المجال الحيوي بالتعاون مع الجامعات والمعاهد المتخصصة، مشدّدا أنّ التكنولوجيا المالية أصبحت اليوم محرّكا رئيسيا لتوسيع الشمول المالي، وتحسين خدمة الزبون، وضمان استدامة القطاع المالي، وأنّ الخطوة القادمة تكمن في الانتقال من التشريع إلى التطبيق. وفي هذا السياق، أكّد المدير العام لشركة تسيير بورصة القيم، يزيد بن موهوب، استعداد البورصة لمرافقة المؤسّسات الناشئة، مبرزا أنّ شروط الإدراج قد تمّ تيسيرها بشكل مكّن أول شركة ناشئة من دخول السوق وجمع تمويلات.