مقوّمات طبيعيّة تجعل الجزائر وجهة استثنائية

أساليب احترافية لتشجيع سياحـة المغامـرات

سعاد بوعبوش

 عرفت السياحة الشتوية في السنوات الأخيرة انتعاشا كبيرا بالجزائر، بعد عودة موسم الأمطار والثلوج الذي يكشف في كل مرة عمّا تكتنزه بلادنا من إمكانيات ومقومات طبيعية كبيرة من جبال وغابات وبحيرات ووديان، وحمامات تستهوي العائلات الجزائرية والأفراد والمغامرين والهواة، الذين يعشقون الطبيعة والتخييم وكذا الصيد.

 تحتضن الجزائر العديد من المناطق الخاصة بالسياحة الشتوية المعروفة لدى الجزائريين بالتوافد الكبير عليها، بل جعلتها ضمن أفضل الوجهات السياحية الشتوية في العالم بالنظر لتنوع تضاريسها ومناخها على غرار الشريعة بالبليدة، حظيرة تيكجدة بالبويرة، الحديقة الوطنية قورايا ببجاية، إلى جانب شلالات تامدة بميلة، شلالات القلتة بقالمة، سد إيراقن بجيجل، جبال تيمزقيدة، غابة سرايدي بعنابة، وغابة تيزغبان بسكيكدة…وغيرها.

الثّقافة السّياحية تثير شغف العائلات الجزائرية

 يأتي هذا الانتعاش بالتزامن مع دخول العديد من المناطق على الخط بعدما كانت غير معروفة لدى الجزائريين سيما خلال موسم الشتاء، فلم يعد يقتصر الأمر على السياحة الصحراوية فقط بجانت، أسكرام، تادرارت المعروفة باللون المتغير لرمالها وشمسها، تيميمون، أو منطقة الساورة أو الواحات.
واكتشف الجزائريّون من خلال التوجه نحو السياحة الداخلية العديد من المناطق المظلومة سياحيا والغنية جدا بثرواتها ومناظرها سيما بعد أزمة كوفيد، حيث أصبحت العائلات تزور العديد من المناطق القريبة للشمال كبسكرة، الجلفة، البيض، جميلة بسطيف، تيمقاد بباتنة، خنشلة، تبسة المعروفة بمناطق أثرية رومانية…وغيرها.
في المقابل ساهمت عودة الثلوج في انتعاش منابع المياه والأودية، ما جعلها هي الأخرى قبلة للعائلات والشباب المغامر سيما بأعالي المرتفعات، بل وأصبح التخييم والخروج في زيارات دورية لبعض الغابات والأودية والبحيرات والحمامات على غرار حمام ملوان، البحيرة السوداء ببجاية، بحيرة الضاية المعلقة بتمزقيدة بين البليدة والمدية، بحيرة أم لحناش بجيجل، ثقافة سياحية لدى العائلة الجزائرية.

الرّحلات القصيرة..وسيلة الوكالات لجذب السيّاح

 اعتمدت الوكالات السياحية مؤخرا تنظيم رحلات منتظمة إلى المرتفعات الجبلية، وتحويل الكثير من الجزائريين لقضاء عطلة الأسبوع بين البياض، حيث استثمرت في المناظر الطبيعية الخلابة التي خلفتها الثلوج من أجل تنشيط رحلات سياحية قصيرة ولو لسويعات لصالح العائلات والأفراد بأسعار تنافسية.
كما استغلت الوكالات السياحية مختلف مواقع التواصل الاجتماعي كمنصة للترويج لعروضها التي تستهدف العديد من المناطق والأنماط السياحية، وتقديم شروحات مفصلة عن مسار رحلاتها منذ الانطلاق إلى غاية العودة، وهذا بغية استهداف مختلف شرائح السياح.
ويعود رواج خيار الرحلات القصيرة نهاية الأسبوع نظرا لغياب مرافق فندقية كافية تكفي لاستيعاب العدد الهائل المتوافد على هذه المناطق فهي ما تزال تنحصر في المرافق العمومية، في حين تبقى مساهمة القطاع الخاص محتشمة جدا في هذا النوع من الاستثمارات، رغم انتعاش السياحة الداخلية بعد أزمة كوفيد وتوجه الكثير من العائلات الجزائرية بل وتفضيلها للوجهة السياحية الوطنية.

سياحة المغامرات وسيلة ترويجية رغم خطورتها

 تعج مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من الصفحات التي تعود لشباب مغامر وهواة اختار الطبيعة وجهة له والترويج لمقومات الجزائر الطبيعية التي تتوفر عليها من خلال أفكار وإمكانيات بسيطة لنقل يومياتهم سواء في التخييم أو تسلق الجبال، أو حتى في قضاء بعض الأوقات في الغابات ما حفّز لدى الكثيرين الرغبة الشغف في خوض التجربة.
تجربة على الرغم من خطورتها، إلا أن الكثير من المتتبّعين يرى أن سياحة المغامرات ساهمت في السنوات الأخيرة بجدية في الترويج للوجهة السياحية الجزائرية.

طلحي: تناسب الاستثمارات مع النّمط السّياحي المقصود

 يرى رئيس الجمعية الوطنية لتشجيع السياحة عبد العزيز طلحي، أن السياحة إلى وقت قريب كانت أمرا روتينيا، نشطة في موسم الاصطياف عموما والشتاء بموسم السياحة الصحراوية بشكل خاص، إلا أنه بعد جائحة كورونا اكتشف الجزائري أنماطا أخرى أكثر تشويقا وجمالا جعلتها مادة دسمة لفائدة الوكالات السياحية في خطط تسويقية، لفتت الانتباه الشعبي على هذه الأنماط الجديدة مثل السياحة الغابية والحموية الجبلية وغيرها من الأنماط، وجعل الإقبال عليها غير معهود، ممّا خلق تنافسية كبيرة خاصة وأن الأسعار تكون في أغلب الأحيان في متناول المواطن المتوسط الدخل والوجهات، حسب طلبات الزبائن ورغباتهم.
وأوضح طلحي في تصريح لـ “الشعب”، أنّ هذه الصحوة أدخلت العديد من الولايات في إطار الوجهات السياحية المميزة بمساراتها الجبلية أو الغابية وكذا الحمامات المعدنية مثل حمام ربي بولاية سعيدة، وكذا غابة تيزغبان بولاية جيجل وكذا جبال القور بولاية البيض على سبيل المثال لا الحصر، هذه الحركية ساهمت في تنشيط العملية الاقتصادية بهذه المسارات السياحية وأيضا تنشيط العمل الثقافي والصناعات التقليدية.
وفيما تعلق بالأنماط السياحية الشتوية في الجزائر، أكد المتحدّث أنها كثيرة ومتنوعة منها ما لا يحتاج إلى إمكانيات كبيرة مثل السياحة الصحراوية ومنها ما يحتاج إلى امكانيات كبيرة مثل السياحة الغابية والجبلية، مشيرا إلى توصيات جمعية “صدى الجزائر” لتشجيع السياحة وتطويرها التي تدعم الاستثمار السياحي، حيث أشادت بقانون الاستثمار الجديد الذي يتيح فرص استثمارية كبيرة للمستثمرين المحليين أو الأجانب، ومن هذه التوصيات أن تناسب الاستثمارات مع النمط السياحي المقصود، فالقرى الخشبية في الغابات تكون أحسن من البناءات الاسمنتية بالنظر لتأثيرها السلبي على البيئة والمحيط البيولوجي للغابة وغيرها.
من جهة أخرى، أشار طلحي إلى الجزائر صنّفت في المركز الاول في سياحة المغامرات في العشر سنوات الحالية إلى غاية 2030، وهو ما يجعل التحدي كبيرا لإبراز ما تملكه الجزائر من مؤهلات في هذا النمط بالذات، علما أن الشباب الجزائري قد اكتسب هذا النوع من الثقافة، وجعلته من رواد المغامرات في جبال شيليا بخنشلة وتيكجدة بالبويرة وكذا في أقاصي الصحراء الجزائرية، ما يعني وجود تنامي واضح للأساليب الاحترافية التي تمنع وقوع حوادث كونها سياحة خطرة نوعا ما، وقد تكون تأشيرة التسوية التي أقرها رئيس الجمهورية والخط المباشر من باريس إلى جانت عاملين مهمين في سبيل انجاح هذا النمط الهام من السياحة، في انتظار توفير استثمارات مهمة في محيط هذه المسارات السياحية المغامراتية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024