الخبير الاقتصـادي فريد كورتل لـ “الشعب”:

المبـادلات التّجاريـة بين الجزائر وموريتانيـا ستتجاوز 2 مليار دولار

فضيلة بودريش

المنطقة الحرّة ستكون محور جذب لاستثمارات مهمّة 

مزايا المبادلات تضع نقطة النّهاية لظاهرة التّهريب

 قدّم الخبير الاقتصادي فريد كورتل قراءة دقيقة ومعمّقة حول أهمية المنطقة الحرة الرابطة بين الجزائر وموريتانيا، وقال إنّها ستلامس الأهداف التنموية المحورية المسطرة في البرنامج الاقتصادي، والقائم على ترقية القدرات وتنويع المنتجات وتقوية مسار الصادرات، وتوقّع أن تسمح هذه المنطقة الإستراتيجية اقتصاديا، بتحيين ميزان المدفوعات وجذب مشاريع صناعية مهمة. كما ستكبح البطالة على الصعيد الاجتماعي، وتدمج اليد العاملة بالولايات الجنوبية، في الحركية الاقتصادية، لتساهم بفعالية في الدفع بعجلة الاقتصاد نحو الأمام بما يخدم العملية الاقتصادية في البلدين الجارين.

 راهن الدكتور فريد كورتل على المكاسب المنتظرة من إقامة منطقة حرة بين الجزائر وموريتانيا، ووصفها بـ “الرافعة الاقتصادية ذات الجدوى والأبعاد التنموية اقتصاديا واجتماعيا”، معتبرا أن التطرق إلى المناطق الحرة يقودنا إلى الحديث عن القانون رقم 22-15 الصادر في جويلية 2022، والمحدد للقواعد العامة المطبقة على المناطق الحرة، ويرى كورتل أنها فكرة عميقة وجيدة لتنمية الاقتصاد الوطني، والدفع به إلى الأمام نحو آفاق تنموية أوسع، من خلال فتح المجال أمام الأنشطة المختلفة أو ما يعرف بالمناطق الحرة.

إقامة مشاريع صناعية مهمّة

 قدّم الدكتور كورتل شرحا مستفيضا حول أهداف الإطار التشريعي، لأنّ القانون المحدد للقواعد العامة للمناطق الحرة فتح المجال أمام إنشاء مناطق حرة في الجزائر لأول مرة بصورة أكثر جدية والتزاما في النهج الذي رافق الإقلاع الاقتصادي، فقد وافق مجلس الوزراء على هذا القانون من أجل إنشاء أربع مناطق حرة، تتوزع على مناطق مختلفة، وستتواجد بالجنوب الكبير على وجه الخصوص، ومن بينها المنطقة الحرة ما بين الجزائر وموريتانيا، وأشار كورتل إلى أنّ الجزائر تعوّل كثيرا على هذه المنطقة في تحقيق جملة من الأهداف الحاسمة والحيوية، من بينها تحيين ميزان المدفوعات بالنسبة للاقتصاد الجزائري وجذب مشاريع صناعية هيكلية ذات مستوى تكنولوجي متقدم، بهدف المساهمة في تخفيض معدلات البطالة خاصة بالولايات الجنوبية التي تعاني من انعدام فرص الشغل، ويرى أنها فرصة ثمينة لليد العاملة من أجل الاندماج في العمل والمساهمة في دفع عجلة الأعمال نحو ما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني.
وذكر كورتل أنّ المنطقة الحرّة ستسمح باستغلال الموارد الطبيعية بدل تصدير المواد الخام بسعر منخفض، ممّا يسفر عن إقامة مشاريع صناعية لتحويل هذه المواد، وهذا ما سيرفع من أسعارها ويسمح بتحقيق فوائد مالية معتبرة.

بوّابة لسوق استهلاكية ضخمة

 تتعدّد وتتنوّع مزايا هذه المناطق الحرة ومنافعها المرتقبة، وذكر الدكتور كورتل منها، القدرة على تنمية العلاقات التجارية بين البلدين، بعد أن أخذت منحى تصاعديا، على اعتبار أن حجم الصادرات الجزائرية إلى موريتانيا قدّر بنحو 24.80 مليون دولار في 2019، وبقيت هذه العلاقات التجارية ترتقي وتنمو بشكل مشجع، ليرتفع هذا الرقم في 2020 إلى 180.79 مليون دولار. وبقراءة سريعة، قال الخبير إن المبادلات الثنائية تضاعفت في ظرف ثلاث سنوات إلى أزيد من سبع مرات، وكل هذه المؤشرات الإيجابية دفعت إلى إقامة منطقة حرة لتنمية العلاقات التاريخية المتينة بصورة أكبر وأوسع، خاصة أنّ موريتانيا بحاجة ماسة للكثير من السلع والمنتجات، وهذا ما يشجّع إقامتها خاصة أن هذه المناطق تشع بالتحفيزات، وفوق ذلك تتميّز بتخفيضات ضريبية وجمركية، لأنّ منتجاتها في الأساس معدّة مسبقا للتصدير، فلا تخضع إلى نفس القواعد مقارنة بالسلع الأخرى في الظروف العادية.
وتوقّع الدكتور كورتل أن يرتفع حجم المبادلات بين البلدين أضعافا لما هو عليه اليوم، وقد يتجاوز المليار ثم الملياري دولار سنويا أو أكثر، ويصبح نقطة أساسية للدخول إلى الأسواق الإفريقية، وبذلك ستكون موريتانيا بوّابة للانطلاق نحو الدول الإفريقية، بما أنّها السوق الأضخم في العالم، وبفعل ذلك، ستفضي المنطقة الحرة إلى زيادة الصادرات، وتنويعها تجاه الدول الإفريقية خاصة مع استغلال اتفاقية منطقة التبادل الحر الإفريقية.

محفّز جاذب للمستثمرين الأجانب

 يعتقد الخبير كورتل أنّ المنطقة الحرّة لها خصوصية ومزايا تختلف عن المناطق الأخرى، نظرا لكونها خالية من أي رسوم وضرائب، لذا ستكون نقطة جذب للمستثمرين بعد انطلاق نشاطها، وهذا ما يرسم ملامح جديدة للمنطقة من خلال تركز الاستثمارات على مستواها، لهذا يتوقّع أن تستقطب نشاطا واسعا، وتجذب اهتمام المتعاملين والمستثمرين، بالنظر إلى المزايا الضريبية والجمركية، لأنّ المناطق الحرة يضبطها قانون خاص يختلف عن القوانين التي تسير بها بقية المناطق، ويتفق حول أول منطقة حرة بين الجزائر وموريتانيا، أن تكون محفّزا على بروز استثمارات جديدة سواء محلية أو أجنبية ذات نجاعة عالية.
وباعتبار أن مؤشرات النجاح قائمة، أقرّ الدكتور كورتل حقيقة ساطعة، تتمثّل في تأهّب الجزائر عبر هذه المنطقة، للتواجد الاستراتيجي في عمق الأسواق الإفريقية، وتجسيد فرصة تنويع الصادرات؛ لأنّ الجزائر بعد توقيعها على منطقة التبادل الحر الإفريقية ودخولها في مجموعة التجارة المشكلة من 8 دول، ستعزز من موقعها بفضل سرعة انتشارها التجاري، وهذا ما سيشجّع المنتجين على الرفع من حجم نشاطهم وتدفّق سلعهم، إلى جانب أن هذه الخطوة - في تقدير الخبير - سترشح ارتفاع ومضاعفة حجم التجارة الخارجية الجزائرية مع الدول الإفريقية، بفضل مساع قامت بها الجزائر على صعيد تواجد فروع المنظومة البنكية في موريتانيا والسينغال، كانطلاقة جدية إلى جانب إقامة معارض دائمة للمؤسسات الجزائرية للتعريف بها في السوق الإفريقية، وعرض ما تزخر به الجزائر من منتجات ذات جودة عالية، سواء تعلق الأمر بالصناعات الغذائية أو الكهرومنزلية.  ويرتقب الدكتور كورتل أن يكون مستقبل الاقتصاد الجزائري مزدهرا، في ظل التوجه الإفريقي الحصيف؛ لأن السوق الإفريقية كبيرة من حيث حجم المستهلكين.

حملات ترويج ودعاية اقتصادية

 بالحديث عن مستقبل المناطق الحرّة، وما يمكن أن تطمح إليه الجزائر من خلال هذه الفضاءات التجارية والاقتصادية المقنّنة، أوضح الدكتور كورتل أنّ هذه المناطق أثبتت وجودها في العالم وأثرها الإيجابي على الاقتصاديات، والجزائر تسير في نفس النّسق الاقتصادي لما توفّره للاقتصاد الجزائري سواء في تنويع الصادرات وجلب العملة الصعبة للخزينة، إلى جانب القضاء على التهريب وفتح مسارات جديدة وواعدة للتصدير دون قيود، بعيدا عن أي تعقيدات بيروقراطية.
وخلص الخبير إلى القول، إنّ المناطق الحرة ستنطلق بشكل تدريجي وتصاعدي، واقترح أن تخصّص لها أدوات الدبلوماسية الاقتصادية، ما ينبغي من الدعاية والترويج، بقصد جلب الاستثمارات الخارجية والمحلية، من خلال عقد اللقاءات التحسيسية، في إطار نشر المعلومة، والحرص على وصولها إلى جميع المتعاملين وأصحاب رؤوس الأموال، لأنّ هذه المناطق ستكون الآلية المقبلة لتحسن أداء الاقتصاد وتحقيق الرفاه.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024