بين العرض المتصاعد والطلب الراكد..

سـوق السيـارات المستعملة.. السقوط الحرّ

فضيلة بودريش

تتجّه سوق السيارات بالجزائر نحو الانفتاح على الوفرة والتنوّع، ما سحب “سلطة” فرض الأسعار غير المعقولة من سماسرة السيارات المستعملة، فقد تلاشى الانكماش في العرض، وتوقّفت حال المستعمل من السيارات، لتقع في ركود فرض عليها مراجعة أسعارها، إذ تتجّه كل إلى سوق السيارات الجديدة المرشحة لنمو غير مسبوق هذا العام، وقد تجلى ذلك منذ أول انطلاق في عملية الاستيراد، وسيتواصل ـ بالتأكيد ـ مع تشبّع الحظيرة الوطنية بأعداد كافية من المنتجات الجزائرية التي ستضعها المصانع، وقد وضعت، في مرحلتها الأولى، حدّا للمضاربة، وقطعت الطريق أمام السماسرة وصيادي الفرص، واستعادت للسوق رشدها.

انعكست معادلة العرض والطلب على سوق السيارات المستعملة، بعد تراجع الطلب بسبب تأني الزبائن، وانتظار انفتاح السوق على الجديد، حيث يفضل كثيرون اقتناء سيارة جديدة، قد تكون أقل سعرا مما فرض المضاربون والسماسرة من أسعار على السيارات القديمة، فتضاعف العرض، في ظلّ إقدام كثيرين من أصحاب السيارات المستعملة على بيع سياراتهم من أجل اقتناء سيارات جديدة، بينما تراجع الطلب وشهد ركودا غير مسبوق.
لم يعد المستهلك الجزائري مضطرا لدفع مبلغ مالي باهظ لاقتناء سيارة مستعملة.. هذه العبارة تتردّد كثيرا في أوساط مواطنين تحدثت إليهم “الشعب”، ولم يخفوا أنهم يفضلون التريث والانتظار، كونهم يأملون أن تكون الإجراءات المتخذة في إطار التصنيع والاستيراد، محفزا على عودة الأسعار إلى المستويات المعقولة، وأنها ستنهار انهيارا كليا في الأيام المقبلة، خاصة وأن السيارات الجديدة نفسها عرفت انهيارا بمجرد بدء التنافس بين العلامات التي اقتحمت السوق الجزائرية، وبدا محدثونا مقتنعين أن السوق لن تكون أبدا في خدمة السماسرة مستقبلا، بل ستتعزّز بوحدات معتبرة من المركبات الجديدة.
ويرى رمزي باين، تاجر في سوق السيارات المستعملة منذ 15 عاما، أن السوق شبه متوقفة، بسب وجود تردّد من جهة الطلب، لأن الزبائن يترقبون العلامات الجديدة، والجميع يتوق - حسب تقديره - لاقتناء سيارات جديدة، بعد طول انتظار، واعترف أنه وجد صعوبة في تسويق سيارة من نوع “كليو4”، وقال إن سعرها تراجع بنحو  400 ألف دج في ظرف أسبوعين، ويعتقد أن وضعية وصورة السوق القديمة المتحكمة في الأسعار، ستتغير كثيرا، وكل من لديه سيارة مستعملة ينبغي أن يخفض من ثمنها كي يتمكن من بيعها، خاصة وأن بعض العارضين، لم يتلقوا أي طلب على سياراتهم المستعملة، وكانت المفاجأة كبيرة، وربما هذا ما يضطرهم في الأيام المقبلة إلى زيادة التخفيض في الأسعار. وفي الأخير ردّد قائلا.. البيع والشراء ربح وخسارة، ولا أدري ما هي الوضعية التي ستستقر عليها السوق في الأشهر المقبلة؟.
وفضّلت نسيمة عليان، بعد أن باعت سيارتها منذ أشهر، التأني في شراء سيارة رغم حاجتها إليها للتنقل مع أطفالها إلى المدرسة، ذلك أن شراء سيارة مستعملة في هذا الوقت بالتحديد، يعد مغامرة محفوفة بمخاطر الخسارة، وتحرص نسيمة على التريّث إلى أن تتضح معالم السوق أكثر، لتقرر شراء سيارة جديدة أو مستعملة.
أما إبراهيم شيبان، فقد قال إنه من محبي العلامات العالمية الذائعة الصيت، ولا يمكنه أن يستغني عن اقتناء سيارته من سوق المستعمل، كونه متعود على تغيير سيارته كل سنتين، ويعثر على طلبه في هذه السوق، ويرى أن تراجع أسعار السيارات المستعملة، بالفعل تعزز السوق بعلامات مهمة من السيارات الجديدة، من شأنه أن يحدث التوازن بين العرض والطلب، وهذا ما يمنح الزبائن فرص اقتناء سيارات بأسعار متوازنة.
ويقترب من شهادة هذا الشاب، اعتراف لقمان سلمان، بأنه يرى تراجع أسعار السيارات المستعملة، يعود بالدّرجة الأولى إلى انفتاح السوق على الاستيراد، وهو ما سيجعل العائلات ذات الدخل المتوسط قادرة على اقتناء سياراتها من سوق المستعمل، خاصة في ظل الوفرة والعروض المنوعة إضافة إلى تنافس الوكلاء في طرح أسعار تنافسية بهدف إقناع الزبائن، وقد أصبح الجميع يتحدثون عن بداية نهاية المضاربة بشكل تلقائي – يقول لقمان - لأن الأسواق دخلت في ركود غير مسبوق حتى في زمن الجائحة.
سوق السيارات المستعملة تعيش هذه الأيام تخوّفا من البائع والمشتري على حدّ سواء، في ظل استمرار تراجع الأسعار، وأمام وجود سيارات تراجعت قيمتها بنحو 20 مليون سنتين وأخرى بنحو 50 مليون سنتيم وقد يصل التراجع في بعض السيارات - حسب بعض التجار والزبائن - إلى 80 مليون سنتيم، وهناك من يذهب إلى التأكيد أن سوق السيارات بدأت تشهد انهيارا لا مثيل له وسقوطا حرا في الأسعار.———

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024