البروفيسور محمد بوجلال (جامعة المسيلة):

البعد الاجتماعي السمة المميزة لميزانية الدولة مع التزام الحذر

حاوره: سعيد بن عياد

 

يستعرض محمد بوجلال البروفيسور في العلوم الاقتصادية بجامعة المسيلة قراءته للمؤشرات الواردة في مشروع قانون المالية 2019،ويحدّد مميزاته، مشيرا إلى الانعكاسات السلبية الناجمة عن ممارسات في عالم الاقتصاد مثل التهرب الضريبي وتضخيم الفواتير، ليثير مجدّدا رأيه التقني في مسألة التمويل الإسلامي من أجل تعزيز الموارد وتنمية السيولة.

 «الشعب»: ما هي مميّزات مشروع قانون المالية 2019؟
 محمد بوجلال: بالاطلاع على النص الكامل لبيان اجتماع مجلس الوزراء الأخير ليوم الأربعاء 26 سبتمبر 2018،  أمكن تسجيل ما يلي:
- لا زال البعد الاجتماعي السمة المميزة لميزانية الدولة،
- يمكن ملاحظة سياسة الحذر الذي تنتهجه الحكومة إذا ما قارنا الإيرادات المالية المتوقعة بـ 6508 مليار دينار والتي لا تختلف كثيرا عن إيرادات 2018، بالرغم من تحسن أسعار النفط في الأسواق الدولية، يمكن تفسير ذلك بتسقيف السعر المرجعي لبرميل النفط بـ50 دولار فقط،
- نفس الملاحظة بالنسبة للنفقات المالية المقدرة بـ 8557 مليار دج، حيث أن نفقات التسيير تلتهم حوالي 58% من ميزانية الدولة،
- لا زالت التحويلات الاجتماعية مرتفعة، حيث تلتهم 21% من النفقات المالية للدولة،
- إضافة اعتماد دعم للصندوق الوطني للتقاعد بـ500 مليار دج يعبر عن عجز هذا الصندوق مما يستوجب اتخاذ إجراءات لمواجهة الصعوبات المالية التي تواجهه في حالة تراجع الإيرادات النفطية وضرورة القيام بإصلاحات جوهرية لضمان ديمومة الصندوق،
- لا زالت الدولة تولي اهتماما بملف السكن، حيث تمّ دعم هذا القطاع بـ300 مليار دج من الصندوق الوطني للاستثمار،
- لا زالت ميزانية التجهيز في نفس مستوى السنة الماضية مع تراجع طفيف بسبب الاعتمادات المخصصة لتطهير الديون المستحقة على الدولة.

لكن ما لم يتعرض له قانون المالية 2019 هو واقع الحال لإفرازات سياسة طبع النقود التي انتهجتها الحكومة لمواجهة العجز الكبير في الإيرادات العامة بعد انهيار أسعار النفط منتصف 2014.

 ماذا عن مشكلة تضخيم الفواتير والتهرّب الضريبي؟
  تضخيم الفواتير هي في الواقع سرقة «مقننة» للمال العام، وليعلم ممارسو هذه العادة السيئة، أن الله لا يبارك في المال الحرام. ونفس الشيء يقال عن التهرب الضريبي الذي يكرس عدم المساواة بين المواطنين في تناقض صارخ مع دستور البلاد. فإذا كان الردع الأخلاقي لا يكفي، وجب على الدولة الاهتمام أكثر فأكثر بهذا الملف. رجعت قبل أيام من رحلة علمية بأوروبا وأُخبرت أن سرقة المال العام ومحاولة التهرب الضريبي بالدول الإسكندنافيةهي من أكبر الجرائم التي لا تغتفر مهما كان مرتكبها.

 أين موقع التمويلات المتوافقة مع تعاليم الشريعة الاسلامية؟
 بالرغم من التصريح الذي أدلى به السيد الوزير الأول أما نواب المجلس الشعبي الوطني والذي عبّر من خلاله عن إرادة الحكومة السماح للبنوك العمومية التعامل بالمنتجات البنكية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وبالرغم من تقديم المجلس الإسلامي الأعلى لمشروع متكامل في 07 محاور ومراسلة بنك الجزائر حول الصيغة المؤسساتية للهيئة الشرعية الوطنية العليا للمالية الإسلامية، وبالرغم من استعداد بورصة الجزائر لإيجاد الأرضية المناسبة وتكوين الكادر البشري لإصدار الصكوك الإسلامية، إلا أننا لم نلمس تلك الاستجابة المنتظرة من السلطات النقدية مع مثل هذا الملف في قانون المالية رغم التصريحات المتفائلة للسيد وزير المالية في أكثر من منبر.
نتمنى أن يُفرج في القريب العاجل عن النظام الخاص للمنتجات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية الذي وعد به بنك الجزائر المواطنين الراغبين في تمويل مشاريعهم أو توظيف فائضهم المالية بالطريقة الشرعية. وهنا أشير إلى أن المشروع لم يتناول تدابير في تخصّ المالية الإسلامية وتمنيت أن يدرج قانون المالية فقرة تكرس الحياد الضريبي للمعاملات الإسلامية، كما هو الحال مع المعاملات التقليدية، وقد قدمنا بالمجلس الإسلامي الأعلى مقترحا في هذا الشأن أرجو أن يؤخذ به في المشروع الذي سيقدم للمجلس الشعبي الوطني.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024