القطاعات الإستراتيجية في صلب ديناميكية التحديات الراهنة

الثروة خاصة المحروقات قاسم مشترك للأجيال يجب إبعادها عن التجاذبات

سعيد بن عياد

حماية الإطارات التي تضمن خدمة البلاد من كل ما يشكّل مساسا بالكفاءة

يوجد الاقتصاد الوطني خاصة القطاعات الإستراتيجية في صلب الديناميكية التي تعرفها البلاد في ضوء التحديات السياسية القائمة.
قبل أسابيع، ومنذ أول الحركة الاحتجاجية في 22 فيفري برزت إلى السطح نداءات مشبوهة تدفع إلى إقحام القطاعات الاقتصادية في موجة التحولات التي يصنعها الشارع، وذلك بإطلاق جهات غير معروفة نداءات بتوجه الشارع إلى عصيان وإضرابات تشمل قطاعات حيوية بالنسبة لواقع ومستقبل الأمة.
نداءات من هذا القبيل لم تجد صداها لأكثر من يوم أو يومين، ركزت إلى جانب تحريض ممنهج على شنّ إضرابات شاملة تمسّ الحياة التجارية والإنتاجية، على محاولة يائسة لإقحام مؤسسات قطاع الطاقة بتحريض عماله في لحظة اندفاع رسمها حراك الشارع، الذي أدرك مبكرا الخطر المحدق.
مراجعة مؤشرات الظرف الاقتصادي الراهن، تشير إلى أنها على درجة من الصعوبة مثلما يعكسه حجم عجز الميزان التجاري الذي بلغ في جانفي الماضي 1.4 مليار دولار ويفسر ذلك بفعل تراجع أسعار النفط بتسجيل تراجع الصادرات بنسبة 40 بالمائة ولم تتجاوز مداخيلها 2.14 مليار دولار مقابل 3.58 مليار دولار في جانفي 2018.
بطبيعة الحال السبب المباشر في ذلك تراجع أسعار الغاز التي تبنى على أسعار النفط التي تكاد تحاول التعافي بعد انهيارها، وكذا إلى منافسة قوية في سوق الغاز تفرضها كل من قطر وشركات أمريكية وقعت السنة الماضية عقود تموين شركاء مثل إسبانيا. لكن في الجوهر هناك أسباب وراء تراجع الإنتاج والتصديرـ. مثل شيخوخة الآبار ونقص الاستكشاف الموجه للاستغلال والتسويق وتأخر في استغلال آبار استكشفت بجنوب شرق البلاد منذ 2006.
ويبقى سعر الغاز المتدني الهاجس الذي يؤرق قادة الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك التي خاضت في الفترة الماضية معركة مواكبة التحولات العالمية والتموقع في السوق من خلال إطلاق استثمارات بالخارج والعمل على تجديد العقود طويلة الأجل التي تبلغ نهايتها في هذا الظرف. وقد تمّ إبرام عقود تموين جديدة مع شركاء تقليديين (اسبانيا وايطاليا بتموينها بحوالي 57 مليار متر مكعب وتوقع زيادة في الحصص) في وقت يميل فيه الزبائن إلى التعامل مع سوق الغاز المباشرة قصيرة الأجل (5 سنوات) لضعف السعر وارتفاع العرض. للإشارة تموّن الجزائر ما يعادل 10 بالمائة من احتياجات السوق الأوروبية للغاز.
ولم يفت بعض المنافسين للغاز الجزائري ترويج مغالطات لاستهداف مصداقية سوناطراك بنشر أخبار سلبية مفادها أن شركاء الجزائر يتردّدون في انجاز اتفاقيات وعقود عمل استثماري أو تجاري، في وقت تؤكد فيه مصادر أن الجزائر تحضّر لإبرام عقود جديدة مع نهاية السنة تشمل الشريك الايطالي «ايني» والفرنسي «انجي» وقبلها إبرام عقد بأجل 5 سنوات مع تركيا يمتد لخمس سنوات يضمن التموين إلى 2024 بحجم يبلغ 27 مليار متر مكعب. وتمثل العقود طويلة المدة ضمانة للرفع من حجم الاستثمارات الثقيلة للبلد المصدر والتموين المنتظم للبلد الزبون.
كل هذا، يضع القطاع الحيوي في صدارة المشهد بحيث يجمع الخبراء على ضرورة أن تدرك المجموعة الوطنية أهمية حماية هذه الثروة وإبعادها عن التجاذبات السياسية كونها تمثل القاسم المشترك للأجيال، بل وحماية الإطارات التي تدير هذه الثروة لخدمة البلاد من كل ما من شأنه أن يشكّل مساسا بالكفاءة وتشويها على أروقة الطريق لمواجهة التقلبات التي تعرفها أسواق المحروقات، علما أن استهداف الإطارات كما حصل في فترات سابقة أضرّ بمصداقية الشركة التي تضمن مداخيل البلاد من العملة الصعبة وتقود التحوّل الاقتصادي لإنجاز البنية البديلة خارج المحروقات.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024