الوباء يوقف صادرات الهند من الأدوية الهندية

تنويع المموّنين للجزائر والبحث العلمي المخرج

فضيلة بودريش

طالت آثار فيروس كورونا الذي مازال ينتشر بشكل مخيف في العالم ودون شك الجزائر لم تسلم منه سواء من خلال تسجيل حالات تستدعي تجنيد إمكانيات مادية وطبية وخاصة على الصعيد الاقتصادي، وعلى خلفية أن منتجي الأدوية باتوا يواجهون خطر نفاذ المواد الأولية بعد قرار الهند أحد العمالقة في العالم المصدرين لها، بتوقيف تصدير ما لا يقل عن 26 مادة أولية تدخل في صناعة العديد من الأدوية الضرورية، ورغم أن الصين لم توقف صادراتها لكن يوجد في الوقت الحالي نقصا فادحا في تموين الموردين، من بينهم الجزائر التي رغم أنها تتوفر على احتياطي من المواد الأولية يغطي مدة لا تفوق 3 أشهر فقط، لكن هذا ما يتطلب إعادة النظر في المموّنين والبحث عن إنتاج هذه المواد الأوّلية في الجزائر.
يغطي الإنتاج الوطني للأدوية نحو 80٪ من الاحتياطي الوطني، من خلال نشاط نحو 95 مصنعا، ينتج نحو 600 مليون علبة دواء، بالإضافة إلى العديد من المستلزمات الطبّية، ولاشك أن وحدات الإنتاج تحتاج إلى مواد أوّلية لتصنيع مختلف الأدوية الجنيسة المرشح حجم تدفقها للمضاعفة، بفضل تطلع المنتجين في هذا المجال الحيوي إلى التصدير، الذي يعد تحدّيا لتوّسع إنتاج المصانع وكذا تكثيف الاستثمار في هذا المجال، وبالإضافة إلى تنويع الإنتاج في شتى أنواع الأدوية ومستلزمات الأدوية. لكن يبدو أن هاجسا صار يؤرق المنتج الجزائري كما الأجنبي، بفعل قرار مفاجئ اتخذته الهند التي تعد واحدة من أهم المصدرين للمواد الأوّلية، التي تدخل في صناعة الأدوية، ويتمثل في وقف تصدير نحو 26 مادة أولية تدخل في صناعة الدواء والمستلزمات الطبية، حيث قررت أن تحتفظ بها تحسبا لانتشار فيروس كورونا.. فما تأثير ذلك على صناعة الدواء في الجزائر؟ وماهي الحلول التي يمكن تبنيها لمواجهة هذا التحدي؟.. اقتربت «الشعب» من عبد الوهاب كرار ومسعود بلعمبري من أجل الوقوف على طبيعة التحدّي.. وما مدى إمكانية طمأنة المستهلك والمتعامل في مجال الأدوية على حد سواء؟
أوضح عبد الوهاب كرار، رئيس الاتحاد الوطني للمتعاملين الصيدلانيين، أنه دون  أدنى شك أن الجزائر كباقي العديد من الدول سوف تعكف مستقبلا على إعادة النظر في سياسة التمويل بالمواد الأولية، وبالتالي مراجعة قائمة التموين بالمواد الأولية، حتى تحقق الاستقلالية ولا تكون تحت رحمة أي مموّن، قد يتخذ قرارا مفاجئا وسريعا دون أي إنذار مسبق، ويقضي بوقف التعامل في هذا المجال من خلال قطع التموين بالمواد الأوّلية، والإخلال بالالتزامات المتفق عليها والتي تم التعاقد حولها وحول حجم مخزون المواد الأولية الحالي، لم يخف كرار أنه يغطي فقط فترة لا تزيد عن مدة ثلاثة أشهر، مشيرا في سياق متصل أن كل منتج لديه مخزونه، لكن في ظل توفر الجزائر على مصادر عديدة ومتنوعة للمواد الأولية، دافع كرار عن مقترح البحث عن إنتاج هذه المواد الأولية محليا، لاستغلالها وتطوير هذه الصناعة كون الجزائر لديها كل الإمكانيات البشرية والمادية لتكون قطبا حيويا ومهما لصناعة الدواء، لذا ينبغي، بحسب دعوته، البحث الجاد والمنظم والمركز لاستبدال واردات المواد الأولية بصناعة محلية قادرة على تقليص كلفة الإنتاج، وبالتالي الرفع من تنافسية السعر وجودة الدواء.
ويرى رئيس الاتحاد الوطني للمتعاملين الصيدلانيين، أنه حان الوقت لتسيير خارطة طريق، من شأنها أن ترفع مختلف العقبات سواء تلك المتعلقة بالإنتاج أو التصدير، في وقت يعتقد فيه أن السوق صارت لا تسع الجميع في ظل تزايد عدد المنتجين، واقترح في هذا المقام التفكير في التصدير الذي أصبح ضروريا لضمان بقاء الوحدات الإنتاجية وتطوّرها من خلال التصدير، لكن بعد إزالة عراقيل جبائية وبنكية ولوجستية، مازالت تهدّد إرادة المصدّرين في قطاع الدواء.


  80 ٪ من المواد الأوّلية  في الصين والهند
بحسب رأي مسعود بلعمبري، رئيس النقابة الوطنية الجزائرية للصيادلة الخواص، أنه خلال الوضع الحالي، لا يمكن توّقع جميع الآثار السلبية التي ستنجم عنها تأثير انتشار فيروس كورونا على المواد الأولية لإنتاج الأدوية خاصة أن العالم يتم تموينه من طرف عملاقين يتمثلان في كل من الهند والصين، ورغم أن الصين لم يوقف صادراته تجاه زبائنه، لكن الهند اتخذ قرارا سريعا ومفاجئا صدم به المستوردين، أي يمكن القول أن 80 ٪ من المواد الأوّلية لإنتاج الأدوية كلها تصنع في هذين البلدين، وقرار الحجر وتوقيف التصدير من طرف الهند، يمكن أن يكون له تأثير سلبي ليس على الجزائر وحدها، بل على العديد من الدول وبصفة عامة على صناعة الدواء في العالم، خاصة إذا اتسعت رقعة تفشي وانتشار الفيروس أكثر، خلال الأشهر المقبلة.
إذا التحضير لبناء صناعة صيدلانية قوّية ومتطوّرة مرتبط بإيجاد وانتاج مواد أوّلية دون شك الجزائر بشساعة مساحتها وتنوع مواردها تتوفر عليها، ويكفي فقط توجيه الاهتمام والعمل على توفيرها بدل استيرادها، وسيكون ذلك محفزا آخر على تطوير هذه الصناعة بإمكانيات محلية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024