د . محمد حشماوي، أستاذ العلوم الاقتصادية

إستراتيجية بعيدة المدى تمتدّ إلى غاية 2030

فضيلة ــ ب

اعتبر الدكتور محمد حشماوي ،أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر أنّ أكبر تحدي اقتصادي يطرح على طاولة رئيس الجمهورية الذي حظي بالتزكية الشعبية من خلال قوة الصندوق، تأسيس أرضية صلبة لبناء اقتصاد منتج ومتنوع للتخلص من الاعتماد على إيرادات النفط، مشترطا تشخيص الوضعية الراهنة عن طريق تحديد نقاط القوة والضعف في القطاع الاقتصادي، وإرساء إستراتيجية دقيقة تكون بعيدة المدى، حيث تمتد إلى آفاق عام 2030.  

شدّد أستاذ العلوم الاقتصادية محمد حشماوي على ضرورة القفز إلى حوكمة الاقتصاد الوطني كعامل جوهري لإنجاح أي سياسة جديدة أو إستراتجية تجسد على أرض الواقع، على اعتبار أنه لا يمكن تفعيل الإنتاج ورفع تنافسيته في معزل عن ترشيد التسيير وإسناده للكفاءات.
قال الدكتور محمد حشماوي أنّ أكبر تحدي اقتصادي ينتظر رئيس الجمهورية المنتخب، تحديد طريقة التأسيس لأرضية صلبة بهدف بناء اقتصاد متنوع ومنتج، للخروج من اقتصاد الريع. ومن بين المقترحات التي طرحها الخبير الاقتصادي حشماوي، أولوية تشخيص الوضعية الاقتصادية الحالية، من خلال تحديد نقاط القوة والضعف ودور الدولة وكذا القطاع الخاص في الاقتصاد.

ضرورة بلوغ مرتبة ضمن
الدّول الـ 10 النّاشئة الأولى

ذكر حشماوي أنّ الخطوة الثانية التي يجب تجسيدها عقب الانتهاء من مهمة التشخيص، انتقاء الإستراتيجية الملائمة للاقتصاد الجزائري، ومن ثم تحديد دور كل فاعل اقتصادي، مباشر أو غير مباشر في هذه الإستراتيجية التي يشترط أن تكون طويلة المدى وتمتد على سبيل المثال إلى غاية آفاق عام 2030، معترفا في سياق متصل أن مثل هذه الإستراتيجية تحتاج إلى مدة زمنية معتبرة حتى يتسنى تجسيدها، كونها تتطلّب إصلاحات وتحديد أهدافها الجوهرية إلى غاية آفاق عام 2030، ويتعلق الأمر بالرفع من نسبة النمو على سبيل المثال إلى سقف 10 بالمائة، والرفع من الإيرادات خارج المحروقات إلى حدود 30 بالمائة، وكذا إنعاش الناتج الداخلي الخام، وبلوغ ترتيب مهم ضمن العشر دول الناشئة في نفس الفترة.
ووقف حشماوي على الخطوة الثانية بعد تحديد الإستراتيجية المتمثلة في تسخير الإمكانيات المادية والبشرية، على اعتبار أن كل استراتيجية تحتاج إلى وسائل وآليات، والجزائر لا تفتقد بطبيعة الحال إلى ذلك.
وتحدّث في نفس المقام عن وجود 38 مليون نسمة، نسبة 60 بالمائة منهم شباب أعمارهم أقل من 30 سنة، ويعوّل عليهم ليتحولوا إلى طاقة إنتاجية ضخمة، إلى جانب تسجيل نحو 230 ألف متخرّج سنويا من المعاهد والجامعات، إلى جانب 650 ألف متخرج من مراكز التكوين المهني لايمكن استغلالهم، واعتبر هذه الموارد البشرية عاملا مهمّا بإمكانه إنجاح أي استراتيجية فعلية في ظل وفرة السيولة المالية.

 إصلاحات عميقة لإنجاح الاستراتيجية

وفيما يتعلق بشروط إنجاح ذات الإستراتيجية حتى يكتب لها الديمومة وتفعل بشكل مستمر، يراهن حشماوي على توفير بيئة اقتصادية ملائمة، ومناخ اقتصادي يساعد على الوصول إلى تجسيد الأهداف المسطّرة، عن طريق تجسيد سلسلة من الإصلاحات في صدارتها وضع إطار قانوني ملائم يتناسب مع هذه البيئة، إلى جانب إدراج إصلاحات جبائية وكذا على المستوى الاستثماري، كون المستثمر يعد حلقة الوصل التي تجذب قاطرة الاقتصاد نحو الأمام، وتساهم في رقي وتقدم المنتوج الوطني.
وخلص حشماوي إلى القول في هذا المقام أن التغلب على تلك التحديات، من شأنها أن تسمح بالخروج من اقتصاد الريع إلى اقتصاد منتج، وأوضح أنّ ارتفاع النمو بفضل الإستراتيجية، من شأنه أن ينعكس على القطاعات الأخرى، وعند ذلك اسطرد مؤكدا أنه يمكن وضع استراتجيات فرعية وقطاعية، وعلى سبيل المثال قطاع الطاقة في حاجة إلى إستراتجية خاصة تتلائم مع أفق السنوات المقبلة، بالإضافة إلى ضرورة تحريك التشغيل على ضوء نفس الإستراتيجية، ومن هنا وزارة التشغيل مطالبة بتسطير إستراتيجية قطاعية لامتصاص البطالة، لأن النمو سيساهم دون شك في محاربة البطالة، ولا تعالج البطالة حسب تقديره إلا عن طريق السياسات الناجعة المنتهجة، خاصة سياسة تشجيع المشاريع المصغرة التي ترفع وتيرة النمو، مقدرا النمو الديمغرافي في الجزائر بنسبة 3 بالمائة وعدد طلبات العمل بـ 200 ألف طلب سنويا، مبديا تأسّفه كون طلبات العمل لا يمكن الاستجابة إليها بنسبة نمو لا تتعدى 4 بالمائة.
وحول الإجراءات السارية التي تسهر على استحداث مناصب الشغل، وبالتالي خلق الثروة يرى الأستاذ حشماوي ضرورة التعجيل بتقييم السياسة والإجراءات المتخذة في قطاع التشغيل، والوقوف على تقييم دقيق يسمح بالكشف إن كانت قروض المؤسسات المصغرة والمتوسطة، قد أثبتت نجاعتها أم لا؟ لأنه أضاف يقول تأكد على ضوء آخر الإحصائيات أن نسبة فشل وموت هذه المؤسسات لا يقل عن 30 بالمائة.   
وعكف الدكتور حشماوي على تشريح باقي التحديات التي تساهم في تجسيد الإستراتيجية وحصرها في التمكن من حوكمة الاقتصاد وترشيد التسيير وتوجيه الإمكانيات المتوفرة، واستغلالها بعقلانية وذكاء حتى لا تهدر ولا تحوّل، وعلى اعتبار أنّه يستحيل أن يتفرّغ للإنتاج دون تفكير  بحنكة لبلوغ هدف الحوكمة الاقتصادية الجيدة.
واعترف أستاذ العلوم الاقتصادية أنّ الجزائر تدخل مرحلة جديدة، ونجحت خلال السنوات الفارطة على إرساء بنى تحتية قوية، يرتقب أن تكون أرضية حقيقية لبناء اقتصاد منتج يخرج الجزائر من دائرة الاعتماد على مداخيل المحروقات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024