أستاذ الاقتصاد بجامعة بشار مختار علالي لـ “الشعب”:

ثورة تنموية .. وانتقال غير مسبوق في حقل ”الصيرفة”

هيام لعيون

 

  توسيــــــــع شبكة المصـــــارف لمواكبة الاستثمار
  تحفـــــيز الاستثمـــــار المالي والتزام بالمستثمريـــــن بالقانـــــون..
أصبح إصلاح البنوك العمومية وفتح رؤوس أموالها، أكثر من ضرورة في ظل التجاذبات الاقتصادية، وتطور التبادلات التجارية وسيطرة النقل البحري في تحديد أسعار السلع والخدمات، كما أنه بات من الضروري أن تتوجه هذه المؤسسات المالية إلى الابتعاد عن دعم الدولة والتوجه نحو المشاريع الاقتصادية الفعالة، وعلى الحكومة أن تمنح استقلالية حقيقية من خلال إضفاء مرونة حقيقية على سير القطاع المصرفي، وضرورة اهتمام هذه المؤسسات بنسب الأسهم الممنوحة للخواص، وأن تكون مناصفة أو قريبة من حصص المصارف العمومية، بغية الذهاب نحو تحريك دواليب الاقتصاد الوطني والتشجيع على الاستثمار وخلق الثورة، وامتصاص أموال القطاع الخاص والأموال الموازية.

اعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة بشار مختار علالي، عملية فتح رأسمال بنكين عموميين مع نهاية السنة الجارية، بنسبة 30 بالمائة، للمستثمرين من القطاع الخاص، هامة جدا، لاسيما وأنها ستحظى بالرعاية والتجسيد والمتابعة، فقد أعلن عنها رئيس الجمهورية في يوم المقاولاتية، وأشار إلى ضرورة تجسيدها، وهي رسالة واضحة المعالم، بأن فتح رؤوس أموال البنوك لا مفر منه، وقد يجسد ذلك بداية من جانفي 2024، ولهذا ستكون الفعالية أكبر.

 إستراتيجية استقطاب رؤوس الأموال
وأكد علالي أنّ مجال فتح رؤوس أموال البنوك العمومية من طرف الحكومة، والترخيص لفتح بنوك خاصة، يعتبر إستراتيجية جديدة نحو استقطاب رؤوس الأموال من الداخل، سواء المكتنزة أو المتداولة في السوق وغير المراقبة، ومن الخارج، سواء كانت أموال الجالية أو كانت لتجار عابرين للحدود، مثل رجال المال والأعمال الباحثين عن مناخ صالح للاستثمار، والبحث عن المؤسسات المالية الموثوقة.
 وأبرز محدثنا أن هذه الإستراتيجية ستحقق نجاعة اقتصادية، من جانب خلق تنافسية أكثر بين المؤسسات المصرفية، وفتح مجال الاستثمار فيها، خاصة وأن عدد البنوك العمومية والأجنبية حاليا لا يتعدى الـ20 بنكا، وأضاف أن “فتح رؤوس أموال البنوك العمومية سيكون مجالا لتحسين نسب فوائد القروض الممنوحة للمستثمرين، وسيكون محفزا لترقية المصارف وتنافسها، خاصة بدراسة البيئة الخارجية والتكيف معها، مما يؤهل بعضها إلى استقطاب زبائن من الداخل والخارج، لاسيما تلك التي ستتعامل وفق الشريعة الإسلامية وبجودة الخدمات وتسهيلها، لذلك فإن فتح رؤوس الأموال للبنوك العمومية سيطور من نظرتها تجاه الزبائن، لتحقيق المزيد من الإقبال، ومنه تحقيق جدوى المشاريع التنموية وفق نظرة اقتصادية إيجابية لخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل”.

 الجزائر.. بخطى ثابتة..
واعتبر الخبير أن هذا الإجراء الاستراتيجي، في ظل أزمة الطاقة في أوربا والاضطرابات في الأسواق والحرب في أوكرانيا وغزة، وتزايد مشاكل الجفاف وتداعياته، سيفتح مجالا جديدا للارتياح من جانب المستثمرين، إلى جانب ما سيحققه هذا التوجه خاصة، مشيرا إلى أن هذه الإستراتيجية ستكون ضمن توجه إيجابي ينبغي تجسيده، حتى تكون ردة الفعل الاقتصادية سريعة، تماشيا مع متطلبات الواقع الاقتصادي؛ لهذا، تعمل الجزائر على فتح رأسمال البنكين، وتشجيع الخواص على الاستثمار في المجال البنكي، وهذا لتوسيع شبكة المصارف ومسايرة الاستثمار في ظل إستراتيجية البدائل خارج المحروقات، حيث أن 20 بنكا منها 6 بنوك عمومية و14 بنكا أجنبيا منها واحد مختلط عمومي أجنبي، (بنك البركة)، لا يكفي للآفاق المستقبلية للاقتصاد الجزائري.
ولهذا - يضيف المتحدث - لابد من تجسيد مفاهيم الإرادة السياسية في تحفيز الاستثمار المالي، مع ضرورة التزام المستثمرين بالقانون، والمعاملات المالية في الإجراء الصحيح، حيث يرتبط ذلك بنجاح إستراتيجية الدولة الاقتصادية وبرامجها الجديدة، ولذلك فإن فتح رؤوس الأموال يعني أن المساهمين سيتحصلون على نسب الفوائد بحسب الشروط التي ستوضع بفتح رؤوس أموال البنوك، كما يكون لهم دور وصلاحيات مهمة في مجلس الإدارة، خاصة أثناء عمليات اتخاذ القرار بتمويل المشاريع الاستثمارية بطريقة اقتصادية فعالة.

هكذا يتم فتح رأسمال بنك عمومي..
وفي رده على سؤالنا المتعلق بفتح رأسمال البنوك العامة، وعلاقته بتشجيع المنافسة المصرفية وتنويع الناشطين في الساحة المصرفية، أكد الخبير الاقتصادي أن وجود بنوك خاصة معناه تعدد العروض والامتحانات المختلفة، ولهذا سيكون البنك الخاص قبلة لرجال المال والأعمال. مشيرا إلى أن “الهدف المنشود من فتح رأسمال البنوك العمومية في الجزائر هو رسم معالم جديدة في عالم الصيرفة وكذلك استجابة للتحولات العامة، مع خلق منافسة بين البنوك لإعطاء ديناميكية جديدة للاقتصاد الوطني، والجزائر في هذا المجال ستشهد. ثورة تنموية من خلال البنوك الخاصة التي ستخلق المنافسة، وبالتالي، تكون مركزا لاستقطاب الأموال وتدفقاتها، إلى جانب اعتمادها على طرق حديثة في جلب الاستثمارات المنتجة للثروة والموفرة لليد العاملة”.

 لا خوف على مناصب الشغل
وفيما يخص الحفاظ على مناصب الشغل، شدد علالي على أن فتح رؤوس أموال البنوك، يوسع النشاط لا يقلصه، وبذلك، فإن الحفاظ على اليد العاملة ضروري، ولا يمكن لها التخلي عنهم، خاصة وأن كل إطاراتها مكونين في المجال البنكي، ولا يمكن الاستغناء عنهم، ذلك لأنها ستكون قبالة منافسة البنوك الخاصة التي قد تستقطبهم بمزايا مغرية، بحكم أنها ستكون أكثر نشاطا، ولأن الاقتصاد الجزائري يكون في وضع مريح.
وبخصوص تمكين متعاملين جدد من الدخول في رأسمال البنوك العمومية، والسماح بالمساهمة بشكل أكبر في تمويل الاستثمار، أشار محدثنا إلى أن “المتعاملين الجدد الذين سيشاركون في رأس مال البنوك سيعطون دفعا قويا للاستثمار وتمويلاته ومرافقته، خاصة وأن المساهمين خواص وشركات، عينهم على خلق الثروة، وتخفيضات الدولة لأجل ذلك، وتوفير مناصب عمل، وبالتالي سنشهد تدافعا قويا بعد فتح رأس مال البنوك العمومية لأجل تحقيق هذه الغايات، مع توفير مكانة حقيقية لها في مجال الاستثمار، لاستقطاب رؤوس الأموال المكتنزة والأموال الموجودة في الأسواق الموازية.



 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024