النجاعة الطاقوية وترقيـة الوقود النظيـف

الجزائــر أسـرع الــدول تحقيـقا لأهـداف البرنامج الأممي

أسامة إفراح

تقديم حوصلة لاستراتيجية النجاعة الطاقوية في مجال النقل، فتح نقاش حول ترقية الوقود النظيف وتقليص انبعاث الغازات الحبيسة، تبادل الخبرات مع الدول الأخرى.. تلكم هي أهداف الندوة الدولية حول النجاعة الطاقوية “ترقية الوقود النظيف”، التي نظمتها الوكالة الوطنية لتطوير وترشيد استخدام الطاقة، نهاية الأسبوع الفارط بفندق هلتون، في إطار برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمبادرة العالمية لاقتصاد الوقود GFEI، وميّزها سعادة المسؤولة الأممية بالنتائج المحققة، وتطلع مختلف المشاركين إلى تحيين النصوص التشريعية ورفع العراقيل الضريبية.
يعتبر قطاع النقل المسؤول عن تلوث الهواء بنسبة من 70 إلى 90%، كما أن استهلاك الطاقة الوطني يتزايد 6.3% سنويا بفعل التوسّع المطّرد الذي تسجله الحظيرة الوطنية للمركبات. وفي هذا السياق اعتبر محمد الصالح بوزريبة، المدير العام للوكالة الوطنية المنظمة للندوة، APRUE، أن قطاع النقل استراتيجي وحيوي للاقتصاد الوطني، ولكنه في نفس الوقت يسبب مشاكل بيئية وكذا اقتصادية من حيث الاستهلاك الكبير للوقود، ما يؤثر على الأمن الطاقوي للدول. “نستطيع تحديد الهدف ولكن السؤال هو كيف الوصول إلى الهدف الذي حددناه؟” يقول بوزريبة.
الجزائر مثال النتائج الإيجابية
من جهتها أكدت السيدة جاين وانجيرو آكومو Jane Wanjiru Akumu، مديرة برنامج بوحدة النقل (فرع الطاقة) ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة، الكائن مقره بالعاصمة الكينية نيروبي، أكدت بأن الجزائر من أسرع الدول المشاركة في المبادرة حصولا على نتائج إيجابية: “الجزائر تملك أنظف وقود في أفريقيا”، تقول المسؤولة الأممية، مضيفة بأن هذه هي الخطوة الأولى فقط، وأنها تتطلع إلى الخطوات القادمة: “في زيارتنا المقبلة للجزائر ستكون هذه الأخيرة مثالا ليس فقط لدول شمال أفريقيا وإنما للقارة بأكلمها”.
وعن دور الدول الأفريقية في النجاعة الطاقوية ومكافحة التلوث تقول آكومو لـ«الشعب”: “من أهم ما يقدمه هذا البرنامج هو أنه يعود بالفائدة عليّ وعليك، على الإنسان وحياته اليومية المتأثرة بالتلوث المحلي، فآثار الوقود غير النظيف هي صحية بالدرجة الأولى وقد تترجم في الربو أو السرطان أو غيره من الأمراض، ناهيك عن كون النقل أحد أكثر القطاعات استهلاكا للطاقة”، والجزائر معنية خاصة وأن حظيرتها الوطنية باتت تضم 5 ملايين مركبة. وعن أهمية الاتصال تقول: “هو بالغ الأهمية ويعتبر الخطوة الأولى، لهذا ننظم مثل هذه التظاهرات، لأننا حينما نبدأ بالتواصل والنقاش نقترب أكثر من إيجاد الحلول”. ويذكر أن “المبادرة العالمية لاقتصاد الوقود”، التي أطلقها PNUE وشركاؤه سنة 2009، تهدف إلى تخفيض معدل الاستهلاك العالمي للوقود المقدر حاليا بـ 8 لترات في الـ100 كيلومتر، إلى نصف هذا المعدل أي 4 لترات / 100 كلم وهذا آفاق 2050.
القطاع العمومي ومسؤولية الريادة
تعتبر مختلف المؤسسات العمومية ذات العلاقة بقطاع النقل، الفاعل الأهم في ترقية استخدام الوقود النظيف، وتقليص ضريبة الاستيراد. ومن هذه الأمثلة مؤسسة نفطال، التي يقول ممثلها مولود بوشهبون، إنها تملك شبكة توزيع سيرغاز توسعت انطلاقا من 1983، لتبلغ 600 محطة بقدرة تخزين 9960 متر مكعب، وأسطول مكونا من 405 شاحنات بقدرة 6300 متر مكعب. كما عملت المؤسسة على تكوين أكثر من 1000 مهني من القطاع الخاص. واشتكى بوشهبون من وجود عراقيل منها سعر المازوت، إذ أن تكلفة الكيلومتر باستعمال المازوت تصل أحيانا إلى النصف مقارنة بالسيرغاز. ويبقى هدف نفطال هو بيع 600 ألف طن من السيرغاز سنويا، أي ضعف رقم المبيعات الحالي. واقترح المتحدث استئناف الدولة للبرامج التحفيزية على غرار التكفل بـ50% من كلفة تركيب سيرغاز.
أمثلة أخرى عن دور المؤسسات العمومية، قدمها محمد بولوفة المدير التقني بالمؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية، من خلال نموذج الحافلة الجزائرية الصنع 100L6 التي تستعمل الغاز الطبيعي المضغوط GNC، والذي انتهى إنجازه سنة 2013 ويسمح باقتصاد 25% من تكلفة الوقود. فيما تعمل مؤسسة النقل الحضري “إيتوزا” على تجديد أسطولها، بالاعتماد على حافلات A330 وA500 التي تستعمل الغاز الطبيعي.
أما عز الدين بارار، ممثل الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية، التابعة لوزارة النقل، فقد كشف بأن كهربة السكك الحديدية سمح بتقليص زمن الرحلات إلى النصف، وتخفيص فاتورة الاستيراد بـ30 مليون دولار، فيما سيصل عدد القطارات الكهربائية سنة 2025 إلى 266 مع تكلفة كهرباء بمليار و655 ألف يورو.
القطاع الخاص.. الشريك الفعّال
وحسب بن يوسف أراشيش، نائب رئيس جمعية مهنيي الوقود الغازي APGC، والمدير العام لمؤسسة غازال المختصة في تحويل مركبات البنزين إلى الوقود الغازي، فإن القطاع الخاص جاء ليكمّل دور القطاع العمومي، ممثلا في نفطال، في عملية التحوّل نحو وقود GPL، وكانت أول عملية يقوم بها متعامل خاص سنة 1995. ويصل عدد المركبات المحوّلة لدى الخواص 150 ألفا، ما يعادل 60% من العدد الإجمالي، ما ساهم بتخفيض 10% من استهلاك البنزين. “هذه النتائج لم تكن ممكنة لولا مجهود نفطال في توسيع شبكتها” يقول أراشيش، الذي يؤكد بالمقابل أن عدم تحيين التشريعات، وعدم إعادة النظر في أسعار الوقود، أدت إلى سلبيات منها اشتغال مهنيي القطاع بـ20% فقط من قدرتهم الإنتاجية.
يجدر التذكير، بأن البرنامج الوطني للطاقات المتجددة، المتضمن تحسين النجاعة الطاقوية، وينتظر أن يساهم في تقليص الاستهلاك الشامل للطاقة بنسبة 9% في أفق سنة 2030، مما يتيح اقتصاد 63 مليون طن مقابل نفط يعادل ربحا ماليا قيمته 42 مليار دولار. كما سيتم استعمال غاز البترول المميع GPL بأكثر من 1 مليون سيارة وأكثر من 20 ألف حافلة بالموازاة مع استحداث 180 ألف منصب شغل، بالإضافة إلى العزل الحراري لـ100 ألف وحدة سكنية سنويا. كما ستمثل الطاقات المتجددة في الأجل المحدد 37% من الانتاج الوطني للكهرباء، مع اقتصاد نحو 300 مليار متر مكعب من الغاز، خلال المرحلة الممتدة من 2021 إلى 2030، والتي ستوجه للتصدير وتعود على الدولة بعائدات إضافية هامة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024