يزداد الطّلب على خدماتها بفعل الظّرف الصّعب

ضرورة حماية التّعاضديات الاجتماعية وتعزيز مكانتها

سعيد بن عياد

يزداد الطّلب على خدمات التعاضديات الاجتماعية في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة ماليا نتيجة انهيار أسعار برميل النفط، الذي لطالما غطّى الاحتياجات الاجتماعية في انتظار ما تحققه المؤسسة الإنتاجية على صعيد إنجاز أهداف النمو.
وتوجد حاليا تشكيلة من المؤسسات التعاضدية (28 تعاضدية منها 20 تنشط في الساحة) التي تقدّم خدمات لمنخرطيها، ومنها من هي على درجة متواضعة من التوازن المالي (حوالي 10 تعاضديات فقط)، وأخرى تعاني من عجز بينما تعرف نسبة الانخراط ضعفا (٦ ، ١ مليون مشترك) مقارنة بتعداد المستخدمين (حوالي 10 ملايين عامل).
تعدّ التعاضديات صناديق تشمل اشتراكات العمال المنخرطين (الاشتراك إرادي وشخصي) ولم تعد كما هو متصدّر في الأذهان قطاعية، إنما يمكنها أن تنفتح على عالم الشغل برمته كون القانون لا يحدّد إطارا معيّنا، ممّا يطلق روح المنافسة في سوق تعرف نشاطا وارتفاعا في عدد العمال، إلى جانب ازدياد حاجياتهم الاجتماعية خاصة تلك المتعلقة بالعلاج والخدمات الطبية.
ولا يزال دور التعاضديات (ما عدا البعض القليل منها) متأخرا مقارنة بحجم الاحتياجات في عالم الشغل، وذلك راجع حسب بعض العارفين بخبايا السوق التعاضدية لحدة صراعات أجنحة نقابية ممّا يؤثّر مباشرة على نجاعة التعاضدية التي تمثل جمعيتها العامة الجهة ذات الاختصاص في ضبط مخطط عملها. وتوجد قناعة بأنه لا يعقل أن تخضع إدارة التعاضدية لإرادة الوصاية التي ينحصر دورها في مرافقة مدى المطابقة القانونية ومشروعية التصرفات.
وفي هذا الإطار، يمكن لوزارة العمل أن تلعب دروا أكثر فعالية من خلال السهر على تقديم الوجيهات والمرافقة بعيدا عن أي انزلاق للتدخل في التسيير، كون التعاضدية تعبّر عن إرادة منخرطيها الذين يختارون القائمين على هياكل التسيير، وتمثل الجمعية العامة الجهة ذات الأهلية لذلك.
وفي حالة وجود أعمال تدرج في خانة سوء التسيير، فإنّ العدالة هي الجهة المؤهّلة للحسم في الملفات التي ترد إليها عن طريق إتباع الإجراءات القانونية السارية في هذا الشأن. ولا يحق للوصاية أن تكون الحكم في مسائل من اختصاص العدالة.
وحسب ما بلغنا، فإنّ هناك مشروع مرسوم تنفيذي على مستوى وزارة العمل يجري مناقشته، ومن الجدوى أن يتضمن اعتماد هيئة لرقابة تكون مشكّلة من خلالا ممثلين عن التعاضديات والإدارة تلعب دور الضبط، فلا يعقل أن يوكل للوزارة حق التفتيش وبشكل فجائي ممّا يطلق يد الوصاية فتحدث انزلاقات يمكن صدّها باعتماد آلية مشتركة.
وفي ضوء الوضعية التي تعرفها التعاضديات الجزائرية، فإنّ المجال يمنح لمؤسسات أجنبية بالنشاط في الحقل التضامني الذي يوفّر موارد مالية معتبرة يمكن أن تستفيد من حماية قانونية لتستثمر في خدمات ذات جدوى تنعكس إيجابا على المنخرطين، الذين سوف يرتفع عددهم بشكل كبير لو يتم الرفع من درجة عمل التعاضديات، وتبعد من حولها معوقات مختلفة بعضها مفتعل من جهات يهمّها أن تفشل التعاضديات وتتعرض للإفلاس من أجل الانقضاض على ما تملكه من محلات وعقارات وأجهزة لها قيمة عالية في السوق.
ويعوّل على وزير العمل والضمان الاجتماعي محمد الغازي أن تمنح التعاضديات دفعا قويا باتجاه تعزيز مكانتها في الساحة، وتوسيع موقعها في عالم الشغل من خلال إحاطتها بضوابط تشريعية توفر لها المناخ المطلوب للمبادرة والنشاط التنافسي لكسب المزيد من المنخرطين بما يعزز مواردها ويضعها في مركز المتعامل القادر على مواجهة المنافسة، والرفع من فعالية الاداءات دون المساس بطابعها العمالي.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024