الخبير كاديك بشــير يدقــق المؤشرات ويقدم رؤية استشراف

العقار الفلاحي ثروة من ذهب غير متجددة.. إلى متى يبقى الحلقة الضعيفة؟

سعيد بن عياد

تأسيس ثقافة حماية الأراضي الزراعية وتحويل المستثمرات إلى مؤسسات

يعتبر العقار الفلاحي ثروة طبيعية غير متجدّدة إذا ما التهمتها برامج التوسّع العمراني كما هو في متيجة أو التصحر كما تتعرض له السهوب.
أمام هذا يعتبر المهندس بشير كاديك أن الفلاحة تعاني من أزمة تهميش بالرغم مما تتوفر عليه من هياكل وتقنيات. غير أنه أكد أن التشخيص الراهن لا يجب أن يدفع إلى التشاؤم والإحباط، إنما يجب أن يكون مصدر امتلاك درجة عالية من الوعي بأهمية الفلاحة في ضوء ما يمرّ به الاقتصاد الوطني من صعوبات نتيجة انهيار أسعار المحروقات. ويشير إلى أن الأمر يخصّ كافة المجتمع للانخراط في مسار حماية الموارد الفلاحية بكل أنواعها بما في ذلك المياه ومكافحة انجراف التربة والحرائق الغابية وكبح توسع العمران على مساحات زراعية تمثل البيئة الطبيعية لإنتاج الثروة الغذائية.
في هذا الإطار، يؤكد على أهمية القيام بإنجاز إحصاء شامل لكافة أنواع التربة الزراعية وتصنيفها وجردها من حيث المساحة والجودة والمواد التي تنتجها وهو ما يقوم به في الأصل الباحثون والمختصون، بحيث تملك الجزائر على أراض متميزة تنتج أنواعا من الحبوب ذات الجودة.

محيط العبادلة.. قطب استثماري خارج الاستغلال
وأبدى أسفه لما آل إليه القطاع الفلاحي على مستوى العقار من خلال تبعثر المساحات وتشتت القدرات داعيا إلى ضرورة الإسراع بإقامة تنظيم ملائم من أجل إعادة  تجميع الأراضي الفلاحية. وكمثال عما أصبح عليه بعض المستثمرات أشار إلى محيط العبادلة ببشار الذي يمتد على 9 آلاف هكتار وحاله اليوم يثير التساؤل إذ لم يحقّق الأهداف المسطرة منذ أن وضع تحت تصرف ديوان الحبوب متسائلا عن الدواعي وراء عدم مواصلة تنمية هذا الاستثمار الاستراتيجي ذي الأهداف الاقتصادية (النمو) والاجتماعية (التشغيل) والبيئية.
كما تعاني المناطق السهبية (9 ملايين هكتار) على امتداد الجغرافيا من خطر التصحر بفعل عدم انتظام حركة الموالين وتسجيل اعتداءات في شكل أشغال للتهيئة وعمليات تتم تحت غطاء الاستثمار الذي يدمّر في نهاية المطاف تلك الثروة التي تلعب دورا جوهريا في التوازن البيئي ويمكن توظيفها بعقلانية في مشاريع فلاحيه نباتية وحيوانية، لكن ضمن المعايير التي تحتملها.
ولم يعد ممكنا استمرار النمط الحالي لتسيير المناطق السهبية من خلال توزيعها على الفلاحين في شكل مساحات من 4 هكتارات بينما ينبغي أن يتم التوجه إلى خيارات أكثر نجاعة بإشراك التقنيين الفلاحيين في مثل هذه البرامج. ولذلك برأيه فإن المشكل ليس في ثروة البترول والغاز إنما في العنصر البشري ومضمون السياسات المنتهجة في الفلاحة، خاصة أنه من الأجدر أن يتم اعتماد مسار مرافقة السكان حيثما يوجدون في المناطق الداخلية والمناطق الجبلية لإدماجهم في الديناميكية الفلاحية التي تعتمد أساسا على المورد الطبيعي والاستخدام الجيد للتقنيات.
ويؤكد محدثنا مستندا على مؤشرات يمكن التأكد منها بالبحث والاهتمام أن إنجاز الجزائر للاكتفاء الغذائي الذاتي أمر في المتناول من جانب التقنيات، لكن شريطة أن يدخل كافة المتعاملون في القطاع ضمن إستراتيجية واقعية بعيدا عن البحث عن حلول نظرية في منتديات وملتقيات لم تعد تحقّق المطلوب كون الحلول توجد في الميدان بدءا بإحداث تحول في معادلة ربط العنصر البشري بالأرض (في الماضي كان المهندس والتقني الفلاحي يشتغل في الميدان بالمزارع 5 سنوات فترة تطبيقية للتدريب على مختلف المهن واكتساب التجربة) بتأسيس ثقافة حماية الأراضي الزراعية المنتجة للثروة الاقتصادية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024