النّحال شارف يروي مغامرته مع تربية النّحل بالشلف

نشاط غير مكلّف لكنه يتطلّب احترافية

سعيد بن عياد

ساعده تخصّصه في الطيران للانتقال إلى عالم تربية النحل الذي تعلق به منذ الطفولة، فسطّر هدفا يتمثل في إنجاز مشروع اقتصادي يتعدّى مستوى الهواية إلى احتراف إنتاج العسل، والمشاركة في تنمية محاور اقتصاد بديل لا يتطلب سوى الجدية والالتزام بالقواعد العلمية لهذا النشاط، الذي تتوفر بيئته الطبيعية العذراء بغطائها النباتي المتنوع والمميز.

يتعلق الأمر بالسيد محمد ـ ب ـ شارف، الذي انخرط في العمل على مشروع تربية النحل وإنتاج العسل مع شريكه يوسف بنواحي الشلف، فزارنا بمقر الجريدة ليظهر مدى الأهمية التي يكتسيها المشروع على بساطته، لكن الواعد بنتائجه في المديين المتوسط والطويل. أمله أن يحتذي به الشباب في المناطق الداخلية، خاصة وأن المناخ الاستثماري وحرية المبادرة تشجع على ذلك. وكانت البداية من باب الهواية لهذا النشاط الفلاحي والبيئوي في سنة 2011، عندما التقى صدفة بيوسف مهندس فلاحي مختص في تربية النحل لينطلق انجاز الحلم من خلال خوض التجربة بوسائل بسيطة، لكن بإرادة صلبة لا مجال أمامها للتردد أو الفشل، وكانت النتائج مبهرة بالتوصل إلى إنتاج معدل 50 كلغ عسل في الخلية الواحدة.
ويقول صاحب التجربة: «لقد سجّلنا وجود إمكانيات لكن شريطة أن تكون هناك يد عاملة مؤهلة لأنّ النّشاط تحكمه قواعد علمية». لذلك يمثل تكوين النحالين باستمرار أحد عوامل نجاح المشاريع ونموها حتى تصل إلى مستوى إنتاج عالمي. يوضّح محدّثنا الذي انطلقت مبادرته بـ 10 خلايا منها 4 فقط دخلت الانتاج، أن التعامل مع خلية نحل مثل التعامل مع فريق يحضر لمنافسة، إذ من مجموع خلايا يدخل عدد محدود منها الانتاج، ولذلك فإن العبرة لأي مشروع ليس بعدد الخلايا إنما بحجم إنتاج كل خلية، ويرتبط جانب الانتاج بجملة من الشروط الجوهرية أبرزها موسم الإنتاج الذي ينطلق في الربيع من شهر مارس، حيث يجب أن يحرص النحال على تجهيز وتهيئة الخلايا ومواكبة الفصول وفقا لخصوصيات الغطاء النباتي، بحيث يمكن الإنتاج على مدار السنة وجني المحصول في وقته، كما ينبغي لذلك ترحيل خلايا النحل من مواقعه الأولى إلى مواقع ملائمة من حيث الغطاء النباتي ومكوناته والترحيل يكون بانتظام من الأماكن المنخفضة إلى أماكن مرتفعة.
وانطلاقا من هذا الرصيد المتواضع، رفع صاحب المبادرة وشريكه من حجم وعدد الخلايا لتصبح بعدد الـ 100 يجري تجهيزها حاليا لمواجهة موسم 2017 بنفس المعايير، مبرزا خصوصية المناطق الريفية والجبلية لولاية الشلف والمناطق المجاورة التي تعتبر ملائمة لتربية النحل خاصة بالنسبة للعسل الجيد وأنواعه النادرة، وهو النشاط الذي يعتبر قاطرة أخرى للتنمية الريفية المحلية بكل ما تحققه من فرص للعمل ومكافحة الفقر والعزلة الاقتصادية.  وعن مدى جودة العسل المستورد ومطابقته للمعايير، اعتبر محدثنا المهتم بالبحث والحريص على تنمية ثقافة التعامل مع هذه المادة في أوساط المستهلكين، أنّ ما يتوفّر في السوق هو عسل المائدة (من 17 إلى 20 بالمائة عسل حقيقي والبقية إضافات)، وبالتالي موجه للاستهلاك الغذائي، داعيا إلى إحاطة السوق بالشفافية حتى يتموقع المنتوج المحلي شريطة احترام النحالين لجانب خصوصية العسل الطبية والعلاجية. وأكد على أهمية الاشتغال على مسار إرساء بصمة للعسل الجزائري، ويتطلب الأمر ضبط مراحل الاعتماد لطرح الاسم في السوق العالمية التي لا تزال أدنى من التنافسية لغياب العرض، مشيرا إلى أن القدرات المحلية في نوع عسل «السدر» يقدر آلاف الأطنان بالنظر لشساعة الغطاء النباتي المشكل من هذا النبات الذي يمكن زراعته، إلى جانب العناب والنبق.
وللنهوض بنشاط تربية النحل بالمفهوم الاقتصادي، يوجّه محدّثنا نداء للنّحالين يحثّهم فيه على إتباع أفضل طريق للاهتمام بالخلايا وحمايتها من كافة الأخطار لأنّها تعطي لصاحبها دخلا ماليا لا يمكن تصوره، وكذا الامتناع عن السقوط في الغش الذي يضر بالنشاط، ما يقود إلى الرفع في السعر أو الغش في المنتوج.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024