قبل استلام مهامه يوم 20 جانفي القادم

ترامب يتصالح مع خصومه ويصحّح خطابه

جمال أوكيلي

قبيل التنصيب الرسمي للرئيس الأمريكي يوم ٢٠ جانفي القادم تتعالى الأصوات مطالبة ترامب بالإبقاء على دعمه لها وعدم تغيير سياسته الخارجية تجاهها، ويتساءل المتتبعون عن خلفية هذه الدعوات المتكررة.. هل هي تخوفات مشروعة أم مؤشرات ضمنية توحي بأن هناك تغييرا جذريا في توجهات نشاط الدبلوماسية للولايات المتحدة، في غضون الآجال القادمة.

منذ انتخاب هذا الرجل لم يتخل عن تصريحاته تجاه قضايا حسّاسة وهي عبارة عن تصحيح خطاب حملة الدعاية التي خاضها إلى جانب هيلاري كلنتون، والتي أبدى فيها تشدّدا تجاه مسائل حساسة جدّا أقلقت الكثير من الأمريكيين خوفا من الانتقال إلى تطبيقها ميدانيا، أو التمسك بها بالشكل المخيف.
وبالتوازي مع الأقوال، فإن الوافد الجديد على البيت الأبيض بصدد تشكيل الطاقم الذي يرافقه في مسيرة حكمه خلال هذه العهدة.. ففي كل يقترح شخصية من صانعي الفوز معه ليتولي منصبا استراتيجيا لقيادة قطاع معين، وتتوارد الأسماء لاعتلاء مسؤوليات موثرة تبنى على إثرها الساسات القادمة، خاصة ما تعلّق بالأداء على الصعيد الدولي، والإقتصاد، المالية، التجارة والشؤون الداخلية والمهاجرون، الرعاية الصحية، السلم الاجتماعي، ومحاربة الجريمة المنظمة.
كل الزخم يدور في هذه الفضاءات التي ستكون مخالفة في تسييرها عما سبق، ويتضح جليا في العناصر المبدئية التي يشير إليها ترامب في كل مرة، مبديا تفاصيل جديدة في إدارته للملفات المطروحة بإلحاح على طاولة فريق عمله الذي في طور التبلور من يوم لآخر، ويستكمل عشية استلام مهامه، ليبدأ عهد جديد في حياة الأمريكيين.
ويستغل الرئيس الأمريكي هذه الفترة الفاصلة، كي يراجع كل الأخطاء التي ارتكبت خلال الحملة الإنتخابية، وهذا بتصحيح كل الاختلالات وإعادة بعث جسور التواصل مع كل المؤسسات النافذة والمؤثرة في الوسط الإعلامي والتكنولوجي الأمريكي.. وهذا ما تمّ مع صحيفة «نيويورك تايمز» وشركة «آبل» الأولى عداها من قبل إلا أنه وافق فيما بعد على منحها استجواب صحفي نفس الشيء مع الثانية التي جدد لها إلتزامه بدعمها وتوسيع إستثماراتها عقب تحفظه عن ذلك سابقا.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أن ترامب سارع إلى التقليل من حدة حديثه عن المهاجرين بعد أن لاحظ وجود معارضة قوية من قبل حكام البعض من الولايات ذات الكثافة العالية في نسبة القادمين من الحدود الجنوبية وهذا بالتخلي عن فكرة بناء الجدار الفاصل.
وبالتوازي مع ذلك فإن العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية في العالم ما تزال إلى يومنا تتساءل عن خرجات الرئيس الأمريكي في تغيير أو بالأحرى إعادة النظر في جزئيات معينة بدت له بأنها غير سوية وتتطلّب مصاريف باهضة ونفقات مكلفة قد لا تستدعي الوجود الأمريكي فيها.. وتبعا لذلك فإن الرئيس الحالي المنتهة ولايته أوباما حاول تبديد هذه المخاوف خاصة لدى الأوروبيين الذين هم قلقون حيال ما يصدر عن ترامب من تخلي عن الكثير من الروابط التي رأى بأنه لا مجال التمادي فيها ومواصلة العمل بها. ويلاحظ أن هذا الرجل تفادى القطع بالوعود والالتزام المطلق تجاه قضايا معينة، وإنما اكتفى بعبارات مقتضبة وعدم التسرع في الحكم على ما يجري في هذا العام كونه نزع عباءة المترشح وارتدى لباس الرئيس.
هذه الأرضية الاختيارية للرئيس الأمريكي يعتمدها حاليا، من أجل تغيير الديكور العام الذي أدى فيه دوره خلال مشاهد الحملة الانتخابية، ويتسبدل ذلك بآليات وقرارات أخرى سيعلن عنها في المستقبل تكشف عن حقيقة ما ينوي فعله في جوانب ما فتئت أن تتحوّل بالنسبة له إلى هواجس لابد أن يحسم فيها إن آجلا أم عاجلا.
لذلك فما كان عليه سوى الإسراع من أجل أن ينطلق من مسافة جديدة ما تجاه فضاءات أخرى خالية من القلاقل والعدوات، والنزاعات، التي لا تخدمه بتاتا في حالة شروعه في أداء مهامه الرسمية داخليا وخارجيا، لذلك استطاع في فترة وجيزة تضييق هذا الشرخ وردم هذه الفجوة، ليظهر بمظهر رئيس كل الأمريكيين كما أعلن ذلك عند فوزه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024