أنت تسأل والشيخ يجيب

حكم المصافحة عقب الصلاة

الشيخ محمد مكركب

هل المصافحة عقب الصلاة بين المصلين من تمام الصلاة؟
المصافحة عقب الصلاة دائرة بين الإباحة والاستحباب، ولكن لا ينبغي أن يعتقد فاعلها أنها من تمام الصلاة، أو سنتها المأثورة عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم.  والقائلون بالاستحباب يستأنسون بما رواه البخاري في صحيحه عن أبى جحيفة رضى الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالهاجرة إلى البطحاء فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم قال أبو جحيفة: (فأخذت بيده فوضعتها على وجهى فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة المسك). قال الطبري: (ويستأنس بذلك لما تطابق عليه الناس من المصافحة بعد الصلوات في الجماعات لاسيما في العصر والمغرب). إذا اقترن به قصد صالح من تبرك أو تودد أو نحوه واختار الإمام النووي في (المجموع) أن مصافحة من كان معه قبل الصلاة مباحة ومصافحة من لم يكن معه قبل الصلاة سنة وقال في (الأذكار): واعلم أن هذه المصافحة مستحبة عند كل لقاء وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه ولكن لا بأس به فإن أصل المصافحة سنة وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال وفرطوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها.  ثم نقل عن الإمام العز بن عبدالسلام أن المصافحة عقيب الصبح والعصر من الأمور المباحة، وأماما ذهب إليه بعض العلماء من القول بكراهة المصافحة عقب الصلاة فإنهم نظروا فيه إلى أن المواظبة عليها قد تؤدى بالجاهل إلى اعتقاد أنها من تمام الصلاة أو سننها المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع قولهم بكراهتها فإنهم نصوا كما نقل ابن علان عن المرقاه على أنه إذا مد مسلم يده إليه ليصافحه فلا ينبغي الإعراض عنه بجذب اليد لما يترتب عليه من أذى بكسر خواطر المسلمين وجرح مشاعرهم ودفع ذلك مقدم على مراعاة الأدب بتجنب الشيء المكروه عندهم إذ من المقرر شرعا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وعلى ذلك: فإن المصافحة مشروعة بأصلها في الشرع الشريف وإيقاعها عقب الصلاة لا يخرجها من هذه المشروعية فهي مباحة أو مندوب إليها على أحد قولي العلماء أو على التفصيل الوارد عن الإمام النووي في ذلك.  مع ملاحظة أنها ليست من تمام الصلاة ولا من سننها التي نقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومة عليها وهذا هو الذى لاحظه من نقل عنه القول بالكراهة فتكون الكراهة عنده حينئذ في هذا الاعتقاد لا في أصل المصافحة فعلى من قلد القول بالكراهة أن يراعى هذا المعنى وأن يراعى أدب الخلاف في هذه المسألة.  ويتجنب إثارة الفتنة وبث الفرقة والشحناء بين المسلمين، لامتناعه من مصافحة من مد إليه يده من المصلين عقب الصلاة وليعلم أن جبر الخواطر وبث الألفة وجمع الشمل أحب إلى الله تعالى من مراعاة تجنب فعل نقلت كراهته من بعض العلماء في حين أن المحققين منهم قالوا بإباحته أو استحبابه.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024