حدث في مثل هذا اليوم من رمضان

غزوة بدر الكبرى والتحول الحضاري

تحتل غزوة بدر الكبرى مكانة خاصة في نفس كل مسلم حتى أنه يندر أن تجد أحداً يجهل تاريخ وقوعها وتفاصيل أحداثها الدقيقة .. ولا عجب فقد خلدتها آيات كريمة من سورة آل عمران وسورة الأنفال التي يكاد يكون محورها الرئيسي تلك الغزوة .. ولأن المقام لا يتسع للحديث عن عظمة تلك الغزوة والدروس والعبر المستفادة منها عبر الزمان، فإننا سنكتفي بعرض جزئية منها تكاد تتكرر في زماننا هذا، وتحديداً زمن بدء انتفاضة الأقصى ..

فقد كان مقصد المسلمين من خروجهم الظفر بقافلة أبي سفيان التي تحوي في معظمها نتاج استثمار كفار قريش لأموال المسلمين المنهوبة وممتلكاتهم المصادرة بفعل هجرتهم من مكة إلى المدينة .. وقد كان من الممكن أن يتجنب المسلمون القتال ويعودوا إلى مدينتهم كما خرجوا منها لولا أن الله هيأ لهم الأسباب لخوض تلك المعركة الفاصلة وقدر عليهم أن تفلت منهم “غير ذات الشوكة” ليواجهوا صناديد قريش وفرسانهم .
ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى وقوع غزوة بدر طبيعة القيادة التي تمسك بزمام الأمور في معسكر الكفر، فقد اغترت قريش بهمجية أبي جهل وشدة تطرفه في التعامل مع المسلمين، خاصة وأنه يحمل نوط الإجرام من الدرجة الأولى بارتكابه أول جريمة قتل بحق أتباع محمد صلى الله عليه وسلم فهو بنفسه قام بالإجهاز على سمية رضي الله عنها بعد أن قام بتعذيبها تعذيباً شديداً وما لبث أن ألحق بها زوجها ياسر وكاد أن يثلث بولدهما عمار، ليس هذا فحسب ولكنه كان المحرض الأول على محمد صلى الله عليه وسلم والأشد إيذاءً له ولأصحابه، الأمر الذي رشحه لاستلام راية الكفر وتنصيبه قائداً عاماً لجيش الكفار فكان سبباً في دفعهم نحو مصيرهم المحتوم .
فقبيل غزوة بدر أرغى وأزبد وهدد وتوعد كل من تقاعس عن المشاركة في الخروج بجيش المشركين وعلى الرغم من نجاة قافلة أبي سفيان ونصيحة حكماء قريش بعدم خوض معركة مع جيش المسلمين إلا أنه انتفخ واستكبر وقال:”والله لانرجع حتى نرد بدراً فنقيم بها ثلاثاً فننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف لنا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرتنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبداً !!” فكان ذلك المشؤوم هو الجزور الذي نحر، فقد قعد ابن مسعود رضي الله عنه فوق صدره واحتز رأسه وألقاه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهزم معه جيش الكفار هزيمة منكرة تحدث بها العرب ومشت بها الركبان وخلدت على مدى الزمان .
دلالات النصر في غزوة بدر الكبرى
إن غزوة بدر الكبرى من تدبير إلهي ترتيبا لأسبابها وإدارة لمراحلها، وقد نصر الله تعالى المسلمين وفي ذلك دروس وعبر أهمها أن نصر جند الحق وعد الله الذي لا يخلف الميعاد، وهذا حكم عام متى استوفى المسلمون شروط النصر التي سنختم بها هذا العرض: “وكان حقا علينا نصر المؤمنين” (الروم: 46). غير أن نصر المسلمين يوم بدر كان مطلوبا لاعتبارين أساسيين:
أولهما أن هذه أول مواجهة عسكرية يخوضها المسلمون بعد الإذن بالقتال، والقتال أمر تكرهه النفس، فكان لزاما أن ينتصر المسلمون ليعرفوا قيمة القتال في سبيل الله، إذ هو طريق عزة الأمة وكرامتها، وضحالة المسلمين اليوم وهوانهم على البشرية وهم خمس سكان العالم عددا مرده إلى تعطيل مبدإ الجهاد، وصدق الصديق أبو بكر رضي الله عنه لما قال: “وما ترك قوم الجهاد إلا ضربهم الله بالذل”.
ثاني الاعتبارين هو أن اندحار المشركين مطلوب هو الآخر لتكسر شوكة الشرك وتنفتح آفاق واسعة أمام الدعوة ويقبل الناس على دين الله أفواجا.
الرسول صلى الله عليه وسلم يناشد ربه
وأما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكان منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف يناشد ربه ما وعده من النصر ويقول اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، حتى إذا حمي الوطيس، واستدارت رحى الحرب بشدة واحتدم القتال وبلغت المعركة قمتها قال: اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً. وبالغ في الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فرده عليه الصديق وقال: حسبك يا رسول اللَّه، ألححت على ربك.
وأوحى اللَّه إلى ملائكته {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [الأنفال: 12] وأوحى إلى رسوله {أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] أي أنهم ردف لكم، أو يردف بعضهم بعضاً أرسالاً، لا يأتون دفعة واحدة
من استشهد من المسلمين يوم بدر
واستشهد من المسلمين يوم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش ، ثم من بني المطلب بن عبد مناف : عبيدة بن الحارث بن المطلب ، قتله عتبة بن ربيعة ، قطع رجله فمات بالصفراء . رجل  ومن بني زهرة بن كلاب . عمير بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة ، وهو أخو سعد بن أبي وقاص ، فيما قال ابن هشام ، وذو الشمالين ابن عبد عمرو بن نضلة حليف لهم من خزاعة ، ثم من بني غبشان . رجلان . ومن بني عدي بن كعب بن لؤي : عاقل بن البكير ، حليف لهم من بني سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ومهجع مولى عمر بن الخطاب . رجلان . ومن بني الحارث بن فهر : صفوان بن بيضاء رجل . ستة نفر .

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024