استشهد في منطقة عزازقة وسلاحه في يديه

ابنتا محي الدين تومي ما زالتا في رحلة بحث عن منح صفة الشهيد لوالدهما

جمال أوكيلي

الأختان سلمى وهدى تعاهدتا على إعادة الإعتبار لوالدهما الشهيد تومي محي الدين منذ سقوطه في ساحة الوغى في شهر مارس 1959 في مغارة رفقة مجاهدين آخرين خلال العملية العسكرية الجهنمية لقوات الاستعمار أطلق عليها اسم «K21» وبإشراف جنرالات من جيش الإحتلال بمنطقة عزازقة.
وإلي غاية يومنا هذا لم تيأس ابنتاه عن إرجاع لأبيهما الذي تركهما صغيرتين عند الالتحاق بالثورة، صفة الشهيد، بالرغم نكران عليه ذلك وحرمان عائلته من هذا المكسب المعنوي.
عندما وردت شهادات ضده ورفض لجنة الإعتراف ملفه بتاريخ ٢٦ / ٠١ / ١٩٩٩ رقم ٠٠٦١٦٤٦٧ الموجود حاليا على مستوى مديرية المجاهدين لولاية الجزائر، لأسباب دقيقة جدا وحساسة كثيرا يصعب إصدار ذلك الحكم تجاه فترة من فترات كفاح هذا الرجل.
وعليه، فإن سلمى وهدى رفضتا الاستسلام أو ترك حق أبيهما يذهب سدا حاملين معهما كل الوثائق الضرورية التي تثبت المسار الكفاحي لمحي الدين تومي دون أي حقد أو ضغينة أو انتقام تجاه كل أولئك الذين عملوا على عدم إدراجه ضمن قائمة الشهداء كل ما تريدانه هو أن تكون شهادات هؤلاء في خط واحد مع التاريخ البطولي لتومي عندما قام بعمل فدائي ضد ضابطي الشرطة هونوري وفينو، يوم ٢٠ جوان ١٩٥٦ بشارع فرانسوا غاستو، سابقا أول نوفمبر حاليا بالعاصمة، ناهيك عن مشاركته المباشرة في توجيه ضربات قاصمة للمعمرين الذين حاولوا الاعتداء على الجزائريين أو إهانتهم، كان مصيرهم القتل مثلما حدث مع فالداس الكسندر، وبيار بلاستر، وحارس السجن كانيشيو ماتيو هؤلاء أبانوا على وجههم القبيح تجاه المناضلين وغيرهم يوميا يستفزون أبناء الشعب ويهددونهم بالتصفية الجسدية.
وأمل سلمى وهدى غير محدود في رؤية مساعيهم تكلّل بالنجاح في وقت ما اعتقادا منهما بأن الجزائر ما تزال مفعمة بالأخيار والأطهار الذين يعرفون هذا الرجل معرفة جيدة من حيث الشجاعة والإقدام والتضحية ونكران الذات منذ أن أدى خدمته العسكرية آنذاك في المغرب في أفريل ١٩٥٦، وعودته إلى بلاد أجداده باحثا عن اتصال للصعود إلى الجبل وتلقى وعدا بذلك من طرف دبيح شريف سي مراد. وفي غضون شهر في ماي ١٩٥٦ اتصل به مشيك الهاشمي المعروف باسم علي سالومبي الناشط رفقة حاجي عثمان المنضوي تحت اسم رمال وهكذا بدأت مسيرة الكفاح لتومي وتكليفه كذلك بتجنيد الشباب لتكوين أفواج الفدائيين .. وخلال هذه الفترة كان هناك فوج يقوده بوخاري مكلف بجمع الأموال دون القيام بالعمل المسلح أفراده التحقوا بتومي وعددهم ٤.. ثم توسّعت إلى ١٢ فدائيا دائما برئاسة تومي محي الدين، رفقة أحمد جيدا قائد «شوك بولتيتك» وفي مقابل ذلك كان سيحالي محمد المعروف باسم «سي قدور» رئيسا لفوج التدخل ونائبه بوشيرب عبد القادر.
وبدءا من ١٢ أكتوبر ١٩٥٦، وقعت كل تلك الأفواج في قبضة الشرطة الإستعمارية بعد اعتقال عناصر منها فوجا بوخاري وجيدا، وتم اقتحام منازل ١٢ عضوا من فوج تومي (مشيك، آيت ديب شريف، حمادي، بلحوسين، زروق، سيحالي، مجبر، غزاي، بررزا، قدور، وسعدو) الكل كانوا محل بحث وهكذا توزعوا بالتسلل إلى القصبة ونقل معهم كل الأسلحة.ونظرا للضغط المتواصل على أفراد المجموعة المتبقية قرر تومي أن ينتقل إلى الجبل وهكذا توجه إلى الولاية الثالثة لمواصلة الكفاح غير تسارع الأحداث بالعاصمة خلال تلك الفترة وتكالب الإستعمار وتحرشه ضد الشعب الجزائري استدعى الأمر من ياسف سعدي مراسلة المسؤولين العسكريين للولاية الثالثة بإرسال الفدائيين الذين غادروا العاصمة ويتعلّق الأمر بكل من تومي محي الدين، خليفة بوخالفة، وأحمد شيشة هؤلاء اكتشف أمرهم فيما بعد، وعلى إثرها تمّ اعتقال تومي مع استشهاد بوخالة وشيشة، عند محاولة هروبهما من مخبأ بني مسوس.
هذا الوضع الذي وجد تومي نفسه فيه، لم يتحمله مهتديا إلى إيهام عساكر الاحتلال بأنه يتعاون معهم، وما إن اعتقدوا بأنه محل ثقة زودوه بمسدس وفرّ إلى الولاية الثالثة.
واعترف بذلك النقيب لاتابي بلبورد في تقريره إلى قائد قطاع الجزائر الساحل العسكري آنذاك باختفاء تومي محي الدين وإلتحاقه مرة أخرى بصفوف المجاهدين باسم «شوبان صالح» إثر عثور لديه على بطاقة إحصاء رقم ٩٦٠ . ٣٤٣ المسلمة له يوم ١٣ أوت ١٩٥٨، ومسدس من نوع «أونيك» رقم ١٣٦١ خلال استشهاده في مغارة مع مجموعة من رفقائه في منطقة عزازقة.
هكذا تتوقف مسيرة هذا الرجل باقتراب الاستقلال ومباشرة عقب الاستقلال سعت عائلته من أجل الإستفادة من حق ابنهم الذي ضحى من أجل الجزائر لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن، وحاليا فإن ابنتيه سلمى وهدى يواصلان درب الاعتراف بأبيهما في كل الاتجاهات التي بإمكانها أن تساعدهم في ذلك وبالرغم من وجود ذلك الإجماع على كفاحه ضد الإستعمار من طرف الذين عملوا معه في المدنية (كلو سالومبي) سابقا. غير أن التردّد ما زال سيد الموقف لدى البعض.. فإلى متى وعائلة تومي تنتظر الإعتراف بمحي الدين؟


رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024