أستاذ التاريخ بجامعة البويرة، مصطفى سعداوي:

مسؤولية ديغول قائمة لتكتّمه على الجريمة

أكد أستاذ التاريخ بجامعة آكلي محند أولحاج بولاية البويرة، الدكتور سعداوي مصطفى أن القمع الدموي لمظاهرات الجزائريين السلمية يوم 17 أكتوبر 1961 بباريس، يعد “جريمة دولة” ينبغي ان تقيم مسؤولية شارل ديغول، رئيس الجمهورية الفرنسية أنذاك، لـ “تكتمه عن فظاعة تلك المجازر”.
في حوار مع وكالة الأنباء الجزائرية، بمناسبة الذكرى 60 لمجازر 17 أكتوبر 1961 بباريس، أكد الدكتور سعداوي أن “الجنرال شارل ديغول، رئيس الجمهورية الفرنسية أثناء حدوث الوقائع، تطاله مسؤولية ما حدث من مجازر دموية”، معتبرا أن هذه المجازر المقترفة بأمر من محافظ شرطة باريس موريس بابون، قد “كانت جريمة دولة”.
واستطرد يقول: “لماذا لا نتحدث عن الجنرال شارل ديغول. ربما لم يعط الأوامر للقمع الدموي لمظاهرة الجزائرية، ولكنه كان قادرا على معاقبة الفاعلين، بدل التكتم عن فظاعة الجريمة. فبالعكس، قام بتسليط رقابة على الصحافة، وهو الأمر الذي يثبت تورطه في المجازر”.
ويرى سعداوي، أن مسؤولية ما جرى يوم 17 أكتوبر 1961 بباريس لا تقع فقط على موريس بابون، الذي كان محافظ شرطة باريس وقام بقمع دموي للجزائريين من خلال إلقاء العشرات منهم في مياه نهر السين، بل أيضا على ميشال دوبري، الذي كان رئيسا للحكومة وعلى روجر فراي، وزير داخليته.
ومن أجل فهم الأسباب الحقيقية التي أدت بفرنسا إلى اقتراف هذه الجرائم، في وقت تم الشروع في مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني من أجل تقرير مصير الجزائر، أكد الدكتور سعداوي أن قمع الشرطة ناجم عن “العقلية الاستعمارية”، وأنه لم يكن “استثنائيا” من منطلق “أنها أشياء كانت تحدث بشكل منتظم خلال سنوات الاستعمار الطويلة”.
واعتبر الأستاذ الجامعي أن “الجديد” بخصوص هذا اليوم المشؤوم تمثل في كون “هذه المجازر قد حدثت لأول مرة بقلب العاصمة الاستعمارية، حيث اكتشف الفرنسيون عن قرب التجاوزات والانتهاكات والمجازر التي كانت إلى ذلك الحين تقترف بالمستعمرات البعيدة”.
واقترفت الشرطة الفرنسية تلك المجزرة لتفادي أن “تعزز المظاهرة موقف جبهة التحرير الوطني والتقليل من وقعها على المفاوضات”، على حد تعبيره، مضيفا أن معظم الفرنسيين كانوا ينظرون إلى مظاهرات 17 أكتوبر 1961 على أنها “غزو” للطرق من طرف مجموعة من أفراد الجالية الجزائرية.
وفيما يخص التفاتة الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، الذي اعترف في 2011 بمجازر 17 أكتوبر 1961، يقول الدكتور سعداوي أن الأمر يتعلق بـ«اعتراف جد محتشم”، كون أن الرئيس هولاند “لم يفصح عن هوية المسؤولين عن المجازر، ولا حتى ما ينبغي فعله للضحايا، وما اذا كان سيعوضهم أم لا”.
وأشار الجامعي، الى أن فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، كانت “الممول الرئيس” لجبهة التحرير الوطني وأثرت على الرأي العام الفرنسي والدولي.
ولكتابة التاريخ، شدد الجامعي أولا على ضرورة جعل أرشيف البلدين “متاحا” للباحثين. واقترح يقول: “يجب حل مشكل الأرشيف المتواجد بفرنسا. في انتظار تسوية المشكل سياسيا واسترجاع كافة الأرشيف، ينبغي إيجاد حل عملي. فيمكننا على سبيل المثال، القيام، على غرار تونس، بنسخ الأرشيف، على الأقل لإحراز تقدم في البحث.
وأوصى الأستاذ الجامعي بمقاربة جديدة في كتابة التاريخ، عن طريق القيام أولا “بنقد ذاتي لعلم التأريخ الجزائري، منذ 1962 الى غاية اليوم”.
ورافع في هذا السياق من أجل استحداث مدرسة عليا لعلوم الإنسان تضم كفاءات متعددة الاختصاصات بهدف إرساء أسس “علم إنساني للمجتمع الجزائري”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024