المجاهدة شامخة سجينة المعتقل النسوي بتفلفال في باتنة لـ”الشعب”:

عانينا الويلات في معتقل غسيرة لكننا لم نستسلم للمستعمر

سهام بوعموشة

الجزائر أمــــانة  فــــي الأعنــــاق.. والحفـــاظ  عليها فـــــرض عيــــن

مرة أخرى يسجّل التاريخ جريمة من جرائم الاستعمار الفرنسي، وبتخطيط جهنمي أنه المعتقل النسوي بتفلفال ببلدية غسيرة الذي زجت فيه عوائل المجاهدين .. شهد السجن العديد من النساء وأطفالهن أي أكثر من 300 إمرأة خلال الفترة 1959 - 1962، بغرض التضييق على الثورة وإلقاء القبض على المجاهدين على حدّ ما اعتقدته فرنسا الاستعمارية. أطفال ولدوا في المعتقل، وقد التقيينا الكثير منهم لدى زيارتنا  للمنطقة شهر أفريل الفارط، التقينا إحدى النساء المعتقلات التي ما تزال على قيد الحياة من بين سبعة منهن كن سجينات. إنها المجاهدة شامخة بن رحمون التي روت لـ«الشعب” ما قاسته تحت التعذيب.
روت لنا خالتي شامخة بن رحمون أنه في نوفمبر 1959، التحق زوجها بصفوف جيش التحرير الوطني فزج بها، وابنها  المستعمر في معتقل تفلفال انتقاما من زوجها. وبقيت في السجن لغاية الاستقلال. كانت في الصباح تخرج حاملة طفلها لتبحث عن قوتها، وفي المساء تعود إلى المعتقل حسب تعليمات الإدارة الاستعمارية، كي تجبر زوجها المجاهد على الاستسلام.
قالت لنا خالتي شامخة انها ذاقت كل أنواع التعذيب بطرق الباب ليلا أو إطلاق الكلاب المسعورة قصد إخافتها. لكنها ظلّت صامدة ولم تستسلم لليأس.
 وأوضحت في هذا السياق: “المعتقل في بداية الأمر كان عبارة عن اسطبل سمي الصالح بن رحمون وبعد فتح معتقل آخر سمي بلقاسمي في أوت 1955، وبعد حوالي شهر أي في 26 سبتمبر قام جيش التحرير بقتل ضابط فرنسي برتبة ملازم أول، وكان رد فعل الإدارة الاستعمارية بأن أحرقت مداشر وقرى منطقة تفلفال في 26 سبتمبر من نفس السنة، حتى منزلنا أحرق الذي كان موجودا في المنزل، فأنقذه مغربي مجند اجباري في صفوف جيش الاستعمار، ثم سلمه لإمرأة من جماعة بلبراسين كان عمره آنذاك شهرين، بعدها أعيد لوالدته.  الفرنسيون كانوا يعذبوننا نفسيا بإطلاق الكلاب علينا، وفي الليل يطرقون الباب ليخيفوننا”.
وقام الاستعمار بقصف معتقل بلقاسمي بقذيفة هاون في النهار، أين كانت تتواجد النسوة فاستشهد منهن سبعة نساء، منهم عائلة علي بن جديدي ابنها أحمد وابنتها فاطمة ومعها فردين من عائلة بن فاتح، وبعد شهرين أغلق هذا المعتقل ولم يسمحوا للنساء بالالتحاق بمنازلهن، وبقيت تتنقل هاته النسوة من منزل لآخر لغاية سنة 1959، حيث تم فتح معتقل جديد اسمه”إسقسوفن” زج فيه نساء المجاهدين وأولادهن بغية أن لا يكون لهن اتصال مع أزواجهن، حيث  يخرجن في الصباح لتحصيل القوت وفي المساء يعدن إلى المعتقل وبقين على هذا الحال لغاية الاستقلال، حيث أغلق المعتقل نهائيا.
وكانت رسالة خالتي شامخة التي عانت الكثير من ويلات الاستعمار الفرنسي بمنطقتها، إلى الجيل الصاعد رفع مشعل الثورة، والحرص على الوطن بالمحافظة عليه من الأعداء، وأن يكونوا متفطنين للأخطار المحدقة بنا.
وحسب شهادة بن مسعود ورياشي الهاشمي لنا فإن المعتقل أنشئ لترهيب الشعب الجزائري وعزل المنطقة عن الثورة، وفي 26 سبتمبر 1955 قام المجاهدون بالهجوم على المركز، مما دفع الإدارة الاستعمارية إلى استقدام تعزيزات عسكرية إلى المنطقة وقنبلة معتقل النساء، مؤكدا أن غسيرة كانت قلعة الثورة والثوار وقامت بعدة معارك بطولية.                                                                            
وفي هذا الشأن، أشار محدثنا إلى أن الكثير من الجزائريين لا يعرفون سجن تفلفال بسبب تقزيم التاريخ، مطالبا بترميم المعتقل لجعله معلما تاريخيا شاهدا على بشاعة الاحتلال الفرنسي، دون تركه مجرد أطلال، كون المنطقة عانت ظروفا جد قاسية وأعطت قوافل من الشهداء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024