أسندت له قيادة المنطقة الأولى بالولاية الرابعة

علي خوجة أحد مؤسّسي فرقة الكومندوس بدوار بوكرام

سهام بوعموشة

 عندما توسّعت نشاطات الثورة بعد هجوم الـ ٢٠ أوت ١٩٥٥ بالشمال القسنطيني، قرّر عدد من المجنّدين الجزائريين الفرار من ثكنات العدو والانضمام إلى الثورة ومن بين هؤلاء مصطفى خوجة المدعو علي خوجة، من أوائل مؤسسي فرقة الكومندوس بدوار بوكرام، ولد الشهيد  في ١٢ جانفي ١٩٣٣ بالجزائر العاصمة، نشأ في أحضان أسرة متوسطة الحال ولما بلغ ٦ سنوات دخل مدرسة ابتدائية تعلّم فيها مبادئ اللغة الفرنسية، أين تمكّن من ملاحظة الفوارق بين أبناء الأوربيين وأبناء الجزائر المتمدرسين.

وفي عام ١٩٥٣، أستدعي الشهيد سي علي خوجة لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية بثكنة العتاد ببلكور، وهناك التقى بأحد المجنّدين الجزائريين وأقنعه بالفرار من الثكنة والانضمام إلى الثورة، لاسيما أنّ الثورة في هذه الفترة كانت بحاجة إلى رجال يحسنون استعمال السلاح، ومنهم الذين جنّدتهم فرنسا في الحربين العالميتين أو شاركوا مع القوات الفرنسية في حربها في الفيتنام.
وفي ليلة ١٧ أكتوبر عام ١٩٥٥، قرّر علي خوجة وزميله الفرار من الثكنة العسكرية نحو القصبة، ومعهما الأسلحة والذخيرة التي كانت بحوزتهما فاغتنما فرصة نوم جنود الثكنة وهربا، وفي هذه الأثناء أعلنت القوات الفرنسية حالة استنفار قصوى للبحث عن الفارّين وأرسلت الدوريات للبحث عنهما.
لبث مصطفى خوجة وزميله مدة أسبوع بمنزل قرب مستشفى ''فيردان'' (عيسات ايدير حاليا) وبعد أن هدأ البحث عنهما نزلا إلى بور سعيد تحت حماية الفدائيين فنقلتهما سيارة إلى بني عمران بالقرب من باليسطرو  (الأخضرية حاليا)، أين كان في انتظارهما مسؤولو جيش التحرير الوطني. ونظرا لذكاء مصطفى خوجة وخبرته العسكرية العالية وقدرته على التخطيط، أسندت إليه مسؤولية الاشراف على مجموعة من المجاهدين.
وفي نهاية جوان ١٩٥٦، وبعد أن تدعّمت صفوف الثورة بشباب مخلص قوي الإيمان، اقترح الشهيد على قيادة الولاية الرابعة تشكيل وحدة الكومندوس، كما اشترط على من يريد الانضمام أن يكون قوي البنية وذا تجربة عسكرية كبيرة، وبخاصة أولئك الذين شاركوا في الحرب بين فرنسا والفيتنام، وحظي اقتراحه بالموافقة.
ابتكر علي خوجة خطة لنصب الكمائن والهجومات، فكان يخبر أفراد الكومندوس أولا بالعملية المطلوبة ولكنه لا يطلعهم على تفاصيلها قبل موعد التنفيذ، ثم يذهب مع بعض رفاقه إلى المكان الذي ستنفّذ فيه العملية، ليعاينه ويدرس الخطة على أرض الواقع ثم يعود، وقبل التنفيذ ينتقل مع فرقة الكومندوس إلى مكان العملية قبل الوقت المحدّد ليشرح لأفرادها كيفية التنفيذ.
فاستطاع بهذا الأسلوب أن يحقق الكثير من الانتصارات، وفي بعض الأحيان يستعين بالمجنّدين الجزائريين العاملين بثكنات العدو بعدما ربط علاقة بهم وتمكّن من إقناعهم بضرورة التعاون مع الثورة، حيث قام بعدة عمليات بناحية تابلاط، وتبعتها عملية أخرى بمنطقة تسمى ''الماء البارد''.
وتوالت انتصاراته فعيّن قائدا على المنطقة الأولى بالولاية الرابعة بنواحي جبل بوزقزة، وبعد شهرين من انعقاد مؤتمر الصومام، خطّط علي خوجة لعملية جريئة بالهجوم على ثكنة عسكرية ببرج البحري ليشعر العدو بأنّ قواته في المدن، لكن العدو اكتشفوا مكان تواجدهم حينما قبضوا على أحد المناضلين، فهجمت قوات العدو مدجّجة بالآليات الحربية الثقيلة على المنزل الذي اتخذه مناضلو الجبهة مركزا صحيا لمعالجة المجاهدين الجرحى، أين تبادل المجاهدون إطلاق النار مع القوات الفرنسية، ونظرا لتفوّق العدو تمكّن من القضاء على بعض المجاهدين من بينهم علي خوجة، الذي سقط شهيدا في هذه المواجهة بتاريخ الـ ١١ أكتوبر ١٩٥٦ ببرج الكيفان، وبموته فقدت الجزائر رجلا شجاعا مقداما.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024