مــن أجــل إنهـــاك الثـــورة في معـــارك هامشيــــة

الاحتـلال أنشأ تنظيم ''جان سرفي'' لمحاربة جيش التحرير

سهام بوعموشة

تمكّنت إدارة الاحتلال الفرنسي من إيجاد أكثر من قوة مناوئة للثورة، ومن تعبئة كل الطاقات المناهضة لجيش التحرير الوطني، حتى تتمكّن من إنهاكه في مناوشات ومعارك هامشية لتستنزف طاقاته حتى إذا بلغ به الضعف انقضت عليه بإمكانياتها الهائلة، حسب ما أكده الأستاذ الجامعي مسعود عثماني في كتابه ''الثورة التحريرية أمام الرهان الصعب''.
وأضاف عثماني أنّ أول تنظيم ظهر في هذا المجال كان في قلب الأوراس، حيث قاد هذا التنظيم باحث في السلالات البشرية والذي اختار ''منعه'' بقلب الأوراس مقرا له وسط مجموعة من الآباء البيض واسمه ''جان سرفي''، فقد طوى هذا الباحث المثقف صفحات للبحث والدراسة فجأة وتحول إلى شيء آخر بمجرد اندلاع الثورة، فكشف بذلك عن حقيقته ومهمته المزدوجة.
وحسب ذات المصدر، فإنّ جان سرفي حاول في البداية أنّ يثير النعرات القبلية بين قبيلتي أولاد عبدي منطقة نشاطه كباحث وقبيلة التوابة التي ينحدر منها بن بولعيد، زاعما أن التمرد من فعل التوابة وتجب مقاومتهم والتصدي لهم، وعندما لم يفلح في هذه المناورة انتقل إلى أريس، حيث أنشأ بها أول خلية للدفاع الذاتي.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ أنّ هذه الخلية تكفّلت في البداية بحراسة المصالح الإدارية والمسؤولين الفرنسيين، إلاّ أنّها ما لبثت أن تطورت مع تطور الأحداث وتحولت إلى تشكيلات مسلّحة عرفت باسم ''المخازنية'' ثم القومية أو الحركى، وعناصرها هم نفس العناصر ولهم نفس الدوافع والخصائص، مشيرا إلى أنّ جان سيرفي غادر منطقة أريس لأسباب غير واضحة وانتقل إلى منطقة ''زكار''، حيث استقر في ناحية بني معاد طوال سنوات (١٩٥٥ ــ ١٩٥٦ ــ ١٩٥٧ ــ ١٩٥٨).
واستطاع أن يجنّد إلى جانبه ما يقارب ألف حركي، وأن يطوعها لخدمة المصالح الاستعمارية، والقيام بالعمليات العسكرية إلى جانب القوات الفرنسية وقد عمّرت هذه الحركة طويلا مقارنة بالحركات المناوئة الأخرى، ولولا قرار إدارة الاحتلال بوضع جميع التشكيلات ذات الطابع العسكري تحت إشراف القيادة العامة، قصد التحكم في سيرورة النشاطات العسكرية قال الأستاذ الجامعي لظلت حركة سرفي صامدة في مواجهة الثورة لغاية الاستقلال. وبالمقابل، أبرز مؤلف كتابڤ الثورة التحريرية أمام الرهان الصعبڤ أنّ هذا الباحث كوفئ بترقية في مستوى المهمة التي أدّاها بكفاءة، حيث استدعي للقيام بمهمة الإشراف على تكوين إطارات القوة الثالثة، لتكون على موعد مع الجزائر المستقلة، وهي مسؤولية خطيرة أضاف مسعود عثماني لا يستطيع القيام بها إلاّ المثقّفون اللاّمعون من أمثال: جاك سوستيل، جان سيرفي، والسيدة جيرمان تيون وآخرين الذين هجروا البحث العلمي عن طواعية ووضعوا أنفسهم في خدمة المصالح الاستعمارية، ونسجوا المكائد والدسائس، وما قام به جاك سوستيل من مجزرة خلّفت ١٢ ألف شهيد بتاريخ الـ ٢٠ أوت ١٩٥٥ لخير دليل .

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024