يحرص جلّ المختصين على توعية الأولياء بأهمية التكفل الصحّي الفعّال والإلزامي لعملية ختان طفلهم باعتبارها عملية صحّية بالدرجة الأولى قد تحدّد مصيره في المستقبل لذا تتوجب مراعاة إخضاع الطفل للكشف الطبي المتخصّص مسبقا قبل القيام بأي إجراء جراحي.
تبدأ عملية التحضير، بحسب الأخصائيين، انطلاقا من مرحلة عرض الأولياء لابنهم على طبيب أطفال لاستشارته حول إمكانية إجراء عملية الختان، وهذا من أجل حفظ سلامته حيث يقوم الأخصائي بتحديد كل ما يخصّ وضعيته الصحّية عن طريق تشخيص معمّق يتكوّن من كشف داخلي من خلال فحص بيولوجيا الدم التي يمكنها أن تبيّن إمكانية الإصابة بأيّة أمراض لم تكتشف بعد لدى الطفل قد تشكّل مانعا من بين الموانع أمام عملية ختانه أو تستدعي إجراءات علاجية خاصّة، إضافة إلى ذلك يجب عدم التهاون في الفحص الخارجي للحالة الجسدية للطفل من طول ووزن مع التدقيق والتركيز على الفحص الجسدي للتأكد من عدم الإصابة بأية تشوّهات خلقية أو مشاكل صحّية يمكنها أن تؤخّر أو تمنع الختان في الوقت الحالي.
ضـرورة الفحــص الشّامل والمعمّق لحالــة الطفـل الصحّيـة
وهذا ما حرصت الدكتورة سارة زروال أخصائية في طب الأطفال في لقاء سابق على تذكير الأولياء به حيث تنصحهم دوما على اتباع خطوات وإجراءات مهمة قبل إجراء أية عملية ختان، لأنه يتوجّب عليهم عرض طفلهم على اختصاصي طب الأطفال من أجل إجراء فحص طبي كامل يحدّد من خلاله الوزن والطول ومحيط الرأس ويقوم بفحص الضغط الشرياني ودقات القلب ليتأكد إذا كانت عادية حتى يتمكن من تحديد نوعية التخذير المناسب سواء كان كلّي أو موضعي، كما يبحث الطبيب عن عدم وجود تشوّهات خُلقية أخرى، فإذا كان الطفل يعاني من النفخة القلبية المعروف بـ “سوفل القلب” souffle cardiaque أو مشكل في الكبد أو الطحال، ففي حالة الاصابة بانتفاخ في هذه الحالة لا يمكن إجراء عملية ختان عادية ويتوجّب الكشف المعمّق عن طريق إجراء إكوغرافيا القلب.
للعلم هناك من يعتبر أنه من غير الممكن قياس الضغط الشرياني لدى الطفل الرضيع قبل سن العامين، لكن في الحقيقة يمكن القيام بذلك كل ستة أشهر من عمر الطفل وتسجّل بذلك كل المعلومات في الدفتر الصحي، كما أكدت الدكتورة على وجوب وأهمية إجراء فحص كامل وشامل قبل الختان حيث يجب عدم إهمال هذه المرحلة من الكشف التحضيري الأوّلي لأنه ضروري ويحمي الطفل من أية تعقيدات خطيرة.
الختـان المبكّر يتطلّــب مراقبـة التشوّهـات الخلقيـة
كما أوضحت من جهتها أخصائية في طب جراحة الأطفال نوال رڤام، في حديث سابق أن الختان أو الطهارة إجراء جراحي بالدرجة الأولى يستدعي تدخّل طبيب أخصائي في جراحة طب الأطفال، لكن الكشف القبلي الخاص بتحضير الطفل قبل القيام بعملية الختان إجباري مثله مثل أي تدّخل جراحي ـ أيا كان نوعه ـ ويمكن لأخصائي طب الأطفال أن يتكفل بتحديد حالة الطفل الصحّية حتى يتبيّن إذا كان بوسع الطبيب الجرّاح أن يجري العملية أو يعيد برمجتها إلى وقت لاحق في حالة اكتشاف وجود مانع صحّي لا يسمح بذلك في الوقت الحالي، وهذا ما يتوجّب التنسيق بين اختصاصين مهمّين وهما: طب الأطفال وجراحة طبّ الأطفال.
سبق وأن ذكّرت جرّاحة طب الأطفال بأهمية الكشف المسبق والشامل خاصة للجهاز التناسلي لدى الطفل، لأن إهماله ممكن أن يكون له أثر على صحّة الطفل النفسية والجسدية لبقية حياته، ومن بين أهم الأعراض التي يتوجب الانتباه إليها عند الفحص قبل إجراء عملية الختان، تأكد الطبيب المختص من عدم إصابة الطفل بأي تشوّه خلقي فهناك ما يسمى بتشوه الإحليل التحتي “إيبوسبادياز” وهنا يمكن الإشارة إلى أنه سجلت حالات كثيرة تم إجراء عملية الطهارة فيها دون أخذ بعين الاعتبار هذا التشوّه الخلقي.
فحوصات قبلية مصيرية قبل الختان
من جهة أخرى، أوضحت طبيبة الأطفال جليًا أهمية الكشف القبلي التي تتضمن فحص الدم الذي يُهدف من خلاله البحث عن عدّة أمور أهمها إمكانية إصابة الطفل بفقر الدم، فإذا اكتشفنا ذلك عبر الأرقام التي تمدّنا بها الاختبارات البيولوجية فهنا يمكننا البحث عن السبب أولاً وبعدها إذا تحققّنا من أن فقر الدم بسيط ومؤقت فإننا نقوم بإعادة تعديله عبر إعطاء الطفل علاج للأنيميا وهنا يمكن اتخاذ الإجراء اللاّزم لختان الطفل، تفاديا لأيّ تعقيدات قد تحدث في حالة فقدانه للدم عند الجراحة، إضافة لهذا الاختبار يجرى اختبار آخر وهو خاص بـ “إموستاز” المتعلق بتخثر الدم الذي يسمح لنا بتحديد إمكانية الإصابة من عدمها أو قد يكون مصابا بتخثر الدم المتعلق بمرض الهيموفيليا حتى يتم أيضا التحضير اللازم وبرمجة العملية الجراحية من أجل تفادي حدوث هذا العارض الخطير عن طريق التكفل الكلي بهذا النوع من الحالات قبل أي تدخل جراحي حفاظا على حياة الطفل.
