في محاولة جديدة من قبل الاحتلال الصهيوني لاغتيال الحقيقة قصف الاحتلال، مساء الأحد 10/8/2025، خيمة للصحفيين في محيط مستشفى الشفاء، ارتقى في هذه المجزرة الصهيونية ستة من أصوات وصور الحقيقة في غزّة.
الشهيد الصحفي أنس الشريف، الشهيد الصحفي محمد قريقع، الشهيد الصحفي ابراهيم الظافر، الشهيد الصحفي محمد نوفل، الشهيد الصحفي مؤمن عليوة والشهيد الصحفي محمد الخالدي.
ننعي أنفسنا فالنعي للأموات وأما الشهداء فأحياء، وصف بارئهم يرزقون.
أما أنتم شهداء الحقيقة فقد كان حضوركم أثقل من أن يحتمله عدوكم فقرر إزاحة هذا الثقل باغتيالكم ليحل الغياب الذي يثقل كل ما فينا، شل كل شيئ فينا كذلك الشلل الذي يصيبنا في تلك الكوابيس التي تجثم على صدورنا فيشل بداخلنا حتى الصراخ إلى أن ينتشلنا لطف الله، ولكن تلك الكوابيس نعيشها فرادى أما كابوس اغتيالكم نتجرع عتمته جميعا ومازلنا ننتظر لطف الله.
يشهد الله أنني منذ أيام نظرت إلى الشاشة مشفقة كان قبالتي حينها أنس الشريف أشفقت على هذا الشاب الذي لا يغيب أبدا عن ساحات الأحداث طيلة عامين من الحرب حتى اكتسى وجهه بشحوب حرب الإبادة والتجويع التي يكسو بها الاحتلال كل شيئ في غزّة لم ينج منها إنسان أو حيوان أو جماد، نويت كتابة رسالة إليكم ولم أعرف ماذا سأضمنها فلم تتركوا لنا مجالا للحديث عنكم فأين مقامنا من مقامكم !؟
كنتم تنقلون معاناة غيركم لم تتوقفوا يوما أمام معاناتكم الشخصية، أنس الشريف الذي استهدف الاحتلال الصهيوني منزله فارتقى والده شهيدا، ومحمد قريقع الذي ارتقت والدته في اجتياح الاحتلال الصهيوني لمستشفى الشفاء، ومصاب كل صحفي من رفاقكم في حرب لم تستثن أحدا، بقيتم وسط أهوال الميدان لا سلاح تحملون في وجه الطغيان سوى صورة وكلمة دفعتم ثمنهما ثقيلا علينا بفقدكم، ولكنه رابحا لكم، فالجنان غاية الشرفاء، كنتم تعلمون جيدا أنكم تسلكون درب الشهادة فالمحتل لا يحتمل ضجيج الحقيقة وصورته الممسوخة في مرآتها، وبقيتم هناك على أرض غزّة جنتكم وبقيت أرواحكم معلقة بجنة السماء، تأبى أجسادكم وقلوبكم مفارقة إحداهما، بقيت أصواتكم تعلن استمرار التغطية استمرار كشف الغطاء عن كل جرائم العدو الصهيوني المحتل في حق أهل غزّة، كشف الغطاء عن إبادة كل وسيلة فيها مباحة لغاية محو شعب يمثل شوكة في حلق العدو،العدو الذي يخشى في غزّة جنينهم قبل كبيرهم، منع الحليب عن الصغار يخشى حياتهم فحياتهم تعني زواله، وما كان منه سوى المزيد والمزيد من المجازر لتتوقف التغطية ولينتهي الحديث ولتغيب الحقيقة.
أما أنت يا أنس وقد ارتقيت فقد رحل معك أملي في انتظار رد على تلك الرسالة التي أرسلتها لك قبل أيام من استشهادك أتسائل عن وسيلة للمساعدة، يتردد بداخلي صوتك صارخا في وجه الخذلان عله يكون أقوى من صوت الجوع الذي ينهش كالجذام في أبدان الصغار والكبار في غزّة، أنس يصرخ : الوضع كارثي، لكن العالم أصم عن كل ما قد يشوش عليه رفاهيته.
أنس يصرخ: الناس يتساقطون من الجوع وتتساقط دموع عينيه لمشهدهم، ولا أحد يحرك ساكنا، فشرف الإنسانية ضاع حين بقينا كما نحن وبقيتكم كما أنتم، وحدكم تواجهون الطغيان.
أما أنت يا محمد فإن صراخ رفيقك وقت المجزرة فيما ينتشلون أجسادكم المحترقة من وسط الخيمة: “يمكن عايش، يمكن عايش” ستظل تلك الصرخة عالقة في ذاكرتنا تلاحقنا جميعا، أما رفيقك فقد صدق فوالله ما مات فيك سوى نبض قلب وأما كل صور الحياة ففي أسمائكم وشرفكم وكلماتكم بقيت، لن تبرح غزّة، لن تبرح فلسطين، ولن تعجز المعاجم من بعدكم تعريفات الشرف والعزة والحرية والحقيقة.
فلترتق أرواحكم إلى السلام، فليس في الأرض متسع للسلام.
ولتهنأ قلوبكم بلم شمل الرفاق، رفاق ظن المحتل في تشتيتهم بالقتل الخلاص، ولنتضرع إلى الله أن يكون اغتيالكم المسمار الأخير في نعش المحتل الصهيوني، فلقد بلغ الطغاة المدى وضاقت الأرض بخديعة السلام.
وأما اليقين فاستقامة ميزان العدل، وأن حشد الباطل لهو الزهوق، فحاشاه أن يكون غافلا عما يعملون.
وأما تلك القلوب التي هي كالحجارة أو أشد قسوة فما قست إلا على أنفسها لتكون وقودا للنار.
وأما قلوبنا التي تعلقت بكم فلا سكينة لها سوى في كتاب الله وكلماته عزّ وجلّ.
( إِنَّ أَصحاب الجنة َاليوم فِي شُغُلٖ فَٰكِهُونَ (55) هُمۡ وَأَزۡوَٰجُهُمۡ فِي ظلال ٍ عَلَى ٱلأرَآئِكِ مُتَّكِـُٔونَ (56) لَهُمۡ فِيهَا فاكهة وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ (57) سلاما قَوۡلا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ (58)).
صدق الله العظيم
ومازالت التغطية مستمرة، وللحديث بقية.