في صباحٍ رمادي، بعد ليلةٍ دامية هزت فيها أصوات القصف جدران الخيام، استيقظت على أملٍ أن يكون هناك ما يُخفف عن قلوبنا المثقلة. فتحت هاتفي أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، لأجد خبرًا نزل كالصاعقة: “استهداف عدد من الصحافيين أثناء تغطيتهم للعدوان”.
تجمّدت أناملي..لم أستطع أن أُكمل القراءة. شعرت وكأن الرصاصة لم تصبهم وحدهم، بل أصابت قلوبنا جميعًا. كيف تُستهدف الكلمة؟ كيف يُقنص صوت الحقيقة؟! كانوا هناك ينقلون الحقيقة، يصورون المأساة لحظة بلحظة، يرصدون الألم، يحمِلون الكاميرا بدل السلاح..وكل ما أرادوه أن يسمع العالم صوت غزّة. لكن، يبدو أن الحقيقة أصبحت هدفًا. أن تُحارب بالكذب، ثم تُغتال بالصمت. لم يعودوا يريدون من يروي القصص ولا من يُحصي أسماء الشهداء. كتبت في دفتري ذلك الصباح: “لا تموت الحقيقة..حتى لو اغتيلت الكاميرا.” فحتى في غيابهم، ستبقى صورهم، كلماتهم، وصرخاتهم تسكن ذاكرتنا..لأن الصحافة في غزّة ليست مهنة، بل شهادة.