في أعماق زنازين الاحتلال، حيث يفترض أن تُحفظ حياة الأسرى وكرامتهم، تتحول “عيادة سجن الرملة” إلى مكان مأساوي يعكس أبشع صور الإهمال الطبي المتعمد. هناك، يقبع أكثر من 22 أسيرًا في ظروف صحية مزرية، بينهم جرحى ومرضى كلى يحتاجون إلى غسيل دموي دوري، وآخرون يعانون من الشلل ويتطلبون رعاية طبية مستمرة لا يجدونها.
مع ارتفاع درجات الحرارة داخل الزنازين التي تحولت إلى أفران حارقة، تزداد معاناة هؤلاء المرضى، فتتضاعف آلامهم وتزداد مخاطر حياتهم. إنها جريمة مكتملة الأركان ترتكبها إدارة السجون بحق أبطالنا، لا تفرق بين طفل أو شيخ أو مريض. إن “عيادة الرملة” التي يفترض أن تكون ملاذًا للعلاج، باتت سجنًا حقيقيًا ينتظر فيه الأسرى الموت البطيء، وسط صمت دولي مخزٍ وتخاذل في مواجهة انتهاكات الاحتلال.
هذا الإهمال المتعمد في تقديم الرعاية الطبية لا يندرج ضمن سياسة قمع فحسب، بل هو قتلٌ متعمد يطال أجسادًا مقاومة تحمل أعباء الوطن على أكتافها. إن نادي الأسير الفلسطيني قد كشف الستار عن هذه الكارثة الإنسانية، ووجه نداءً عاجلاً لكل المؤسسات الحقوقية والإنسانية للضغط على الاحتلال من أجل توفير العلاج اللازم وحماية حياة الأسرى. إننا نؤكد أن حياة الأسير هي مسؤولية وطنية وإنسانية وأخلاقية تقع على عاتق الجميع، وأن الصمت عن هذه الجرائم يجعلنا شركاء فيها. فهل ستظل “عيادة الرملة” مجرد سجن أم ستتحول إلى نقطة انطلاق لإنقاذ حياة الأسرى وتحقيق العدالة، إن على الضمير العالمي أن يتحرك، وعلى كل حرّ في العالم أن يقف مع أبطال الحرية، ليكسروا جدار الألم والمعاناة داخل زنازين الاحتلال، قبل أن تتحول هذه المعاناة إلى مأساة لا يُحتمل صداها.