وُلد الأسير ماجد إسماعيل محمد المصري في 15 فيفري 1972 في مخيم بلاطة شرق نابلس، أحد أكبر المخيمات الفلسطينية وأكثرها اكتظاظًا ومعاناة.
نشأ في بيئة مشبّعة بروح المقاومة والصمود، وسط أسرة كادحة كبقية عائلات المخيم، فشبّ على قيم الانتماء والحرية. درس مرحلتيه الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث، وأكمل الثانوية في مدينة نابلس.
وبرغم الاعتقالات والمطاردة، أصرّ على استكمال دراسته الجامعية حتى نال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة القدس المفتوحة. لم يتجاوز الخامسة عشرة حين عرف الزنازين لأول مرة عام 1986، حيث اعتُقل بتهمة إلقاء زجاجات حارقة والانتماء لحركة «فتح».
قضى خمس سنوات خلف القضبان، ليخرج عام 1991 أكثر صلابة وإصرارًا. وبعد أشهر قليلة، أعيد اعتقاله عام 1992 إثر مشاركته في عملية إطلاق نار على جنود الاحتلال. وخلال تلك الفترة كان أحد المطاردين الذين احتموا في جامعة النجاح الوطنية، ليتم اعتقالهم وإبعادهم لاحقًا إلى الأردن، حيث قضى هناك ثلاثة أعوام قبل عودته إلى فلسطين عام 1995.
مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، كان ماجد في مقدمة الصفوف، عمل بدايةً في جهاز الأمن الوطني الفلسطيني، لكنه سرعان ما انخرط في العمل المسلح، وكان من أبرز مؤسسي كتائب شهداء الأقصى في نابلس.
حمل الاسم الحركي أبو مجاهد، وعُرف كناطق باسم الكتائب، ثم تولى قيادتها بعد اعتقال القائد ناصر عويص. ارتبط اسمه بعدة عمليات نوعية ضد قوات الاحتلال والمستوطنين، ما جعله هدفًا رئيسيًا في قوائم المطاردة الصهيونية. بعد مطاردة طويلة، تمكنت قوات الاحتلال من اعتقاله في 30 نوفمبر 2002.
خضع لتحقيقات قاسية، ثم حُكم عليه بعشر مؤبدات، كعقوبة انتقامية لقيادته المقاومة ودوره في الانتفاضة الثانية.
لم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل وضعه في العزل الانفرادي ثمانية أشهر مع الأسيرين مروان البرغوثي وناصر عويص، متهمًا إياهم بمواصلة توجيه العمل المقاوم من داخل السجون. على مدار أكثر من عشرين عامًا داخل الأسر، تنقّل ماجد بين سجون الاحتلال، أبرزها نفحة الصحراوي.
عانى من الحرمان المتكرّر من زيارة عائلته، إذ حُرم والده ووالدته وأشقاؤه من رؤيته لسنوات طويلة بذريعة «المنع الأمني». وبرغم الجدران العالية، بقي ماجد حاضرًا بين رفاقه، مثقّفًا ومنظمًا ومربيًا، يشارك في الحياة الثقافية والتنظيمية داخل السجون، ويساهم في رفع وعي الأسرى وصمودهم.
إلى جانب كونه مناضلًا وقائدًا، فإن ماجد هو أب لابنتين: حنان وحلا. عاشت ابنتاه طفولتهما ومراهقتهما محرومتين من حضن الأب، لا تعرفانه إلا عبر الصور ورسائل قليلة من خلف القضبان. كان قلبه دائمًا معلقًا بهما، يكتب لهما برسائل تحمل الحنان والأمل، رغم أنه لم يستطع مشاركتهما تفاصيل الحياة اليومية.
لقد شكّل هذا الحرمان جرحًا إنسانيًا عميقًا، لكنه زاد من إصراره على أن يكون صموده هدية لهما ولأبناء فلسطين جميعًا. اليوم، بعد أكثر من عقدين في الأسر، لا يزال ماجد المصري حاضرًا كأحد أيقونات الحركة الأسيرة ورموزها البارزة.
جمع بين النّضال المسلّح والسياسي، وبين الصمود الإنساني والتضحية الأسرية، فكان نموذجًا للفلسطيني الذي وهب عمره كله من أجل وطنه. المؤبّدات العشرة لم تَسلب منه حريته الروحية، بل زادت من حضوره ووهجه في قلوب أبناء شعبه.
الحرية للأسير ماجد المصري