عطر الوجع

سوسن نهائلي

لا أعرف كيف تحوّلت تلك الألفة التي كانت بيننا فجأة إلى غربة، وصرنا كنازحَين نتجول بين أزِقّة الذكريات نبحث عن وطن ذات يوم كان يجمعنا، أحلامنا نُتِّفت من جذورها، تطايرت أوراقها في أولى هبة ريح، وأُعلن قدوم الشتاء، يقرع أجراس الأحزان والعزلة، تمطر السماء كآبة، تثور السحابة ساخطة منتفضة تجر الصقيع، وسَوط العذاب يجلِد الفؤاد، يعصر الشوق والحنين، لا أعرف كيف أغلقت نوافذ المودة، وصُدت أبواب الوعود، وتهدَّمت قصور المحبة، واِحتلت الغربة الروح، اِستعمرت وطننا، فصار كل شيء بلون الرماد، اِندلعت حرب العناد، وتشتت المنى، زِرعت ألغام الشكوك في طريق العبور، فصار كل واحد منا يخاف الوصول، تقلص مد الأيادي وتجمدت عروق الدفء في الكفوف، فنالت الحرب من وطن تعهّد فيها الفؤاد بالمقاومة والمكوث، ومرة أخرى اُغتيلت الألفة، فماذا فعلنا يا حبيبي غير أننا لمّمنا شملها في كنف الذكرى، فلم يفح منها إلا عطر الوجع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025
العدد 19759

العدد 19759

الإثنين 28 أفريل 2025
العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025