هذه أبعاد دسترة إرسال الجيش إلى الخارج

«الطوق الناري» حول الجزائر يستهدف «إنهاكها داخليا»

حمزة محصول

أكد الخبير العسكري أحمد عظيمي، أن الطوق الناري على حدود الجزائر، لا يستهدف المساس بسلامتها الترابية، بقدر ما يرمي إلى «إنهاكها داخليا». وشدد على أن استغلال الطاقات الوطنية الهائلة، كفيل بتخطي كل التحديات. مبرزا في الوقت ذاته، الأبعاد الحقيقة لدسترة إرسال الجيش الوطني الشعبي إلى الخارج.
 قدم الدكتور عظيمي، لدى نزوله ضيفا على «الشعب»، قراءة شاملة للتطورات الجيوـ سياسية، الحاصلة على الحدود الغربية للبلاد منذ 13 نوفمبر الماضي، أين أقدم الاحتلال المغربي على خرق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع جبهة البوليساريو سنة 1991، باقتحامه منطقة الكركرات بجدار «العار».
ويضيع الخبير العسكري، كل ما تبع ذلك من تطبيع بين المغربي والكيان الصهيوني، مقابل دعم الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، لما يسمى «مغربية الصحراء»، في سياق زمني يمتد إلى عقود.
فبالنسبة له لا يشكل الوضع الحالي «تهديدا مباشرا للجزائر»؛ بمعنى أن أطراف الصفقة المبرمة على حساب الشعبين الصحراوي والفلسطيني «تعرف قوة الجزائر ومكانتها، ولا أحد يفكر في المساس بسلامتها الترابية».
وقال المتحدث: «إن الجزائر مطوقة ناريا منذ سنين عديدة، والحدود الغربية بالرغم حالة اللاّسلم واللاّحرب التي سادت لـ30 سنة، لم تكن آمنة، فقدت كانت تعاني بعد الإرهاب من حرب المخدرات ووصلنا إلى حجز 200 طن في السنة الواحدة».
وذكر بأن الجماعات الإرهابية في التسعينيات من القرن الماضي، لطالما وجدت في المغرب ملاذات للاستراحة والتزود بالمال والسلاح، ويرى في كل هذا «حركية مستمرة لاستنزاف الجيش الوطني الشعبي والقدرات الوطنية من موارد مالية وثروات».
واعتبر الفوضى والدمار الموجود على الحدود الجزائرية، تنفيذا لما أرادته قوى غربية. فالحدود الشرقية ملتهبة مع ليبيا، «لأنهم أرادوا لليبيا أن تكون هكذا، فلو أرادوا لغيّروا السلطة مع الإبقاء على مؤسساتها، دون الحاجة إلى تدخل الحلف الأطلسي، لكنهم دمروها وأصبحت أرضا مفتوحة لكل الجماعات الإرهابية».
والجزائر مطالبة منذ 2011، بتأمين حدود بـ1000 كلم مع ليبيا بشكل مستمر وبإمكانات معتبرة. هذا العبء يضاف، بحسب المتحدث، إلى الوضع الأمني المتدهور في شمال مالي بسبب التدخل العسكري الفرنسي «الذي شجع المئات من الإرهابيين على الانتقال إلى المنطقة لمحاربة ما يسمونه غزوا صليبيا».

المغرب في ورطة

وقبل أن تكون أزمة الكركرات تهديدا غير مباشر للجزائر، يعتبر الخبير العسكري أنها «ورطة حقيقية» للمغرب الذي يبحث عن منفذ لإنقاذ نفسه من الانهيار الاقتصادي الوشيك، بضمان تسويق المخدرات التي تدر عليه مداخيل بـ14 إلى 16 مليار دولار سنويا، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، والمنتجات الفلاحية.
وأمام غلق الحدود البرية والجوية مع كثير من الدول بسبب إجراءات تفشي فيروس كورونا، شكل معبر الكركرات المنفذ الوحيد لتسويق السموم، عبر موريتانيا ثم ليبيا فأوروبا، وإيصال بعض الخضر والفواكه إلى أسواق دول إفريقية قريبة.
ويؤكد عظيمي، أن الكركرات ووفقا للاتفاق العسكري الموقع بين المغرب وجبهة البوليساريو، لا يمكن أن تكون معبرا وإنما منطقة فاصلة لوقف إطلاق النار، «ومن حق الصحراويين الاعتراض على استغلاله للتجارة وترويج المخدرات».

علاقات قديمة

يحرص عظيمي، على عدم توصيف الصفقة المغربية- الصهونية بـ «التطبيع»، لأن العلاقة بين الطرفين لم تنقطع، بحسبه، منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، ويشبّه ما أعلن عنه في 10 ديسمبر «بترسيم الزواج القائم».
وأوضح، أن القصر الملكي تأخر في الجهر بعلاقته مع الصهاينة، خوفا من انتفاضة شعبية قد تطيح به، وأعد خطة تضليلة أوهم بها الشعب المغربي، اعتراف ترامب بما يسمّى مغربية الصحراء الغربية وتقديم بعض المساعدات المالية سيعود بالفائدة على البلاد.

أفضل الخيارات

على ضوء التحديات المتزايدة وما تفرضه من خيارات مستعجلة لبناء سياسة خارجية تتكيف مع الوضع، يعتقد الدكتور عظيمي بأن «الشروع في استغلال نخبتنا المهمة جدا وثرواتنا الضخمة ونتفق مع بعضنا البعض لخدمة الداخل الجزائري واستثمار كل الإمكانات خارج المحروقات، أفضل خيار ممكن».
وقال: «في السابق، كانت إرادة مقصودة لمنع تطور الجزائر باستغلال ما لديها من إمكانات»، وأضاف متسائلا: «لماذا أصبحنا نحن الدولة المنتجة للبترول، نستورد حوالي 80٪ من مشتقات النفط؟ كيف استوردنا 32 مليار دولار سيارات في ظرف خمس سنوات وعجزنا عن إقامة مصنع حقيقي بـ700 مليون دولار فقط؟».
وتابع: «عندما تكون لدينا سلطة وطنية مخلصة آتية من عمق الجزائر، تسمع للمختصين وتستشيرهم ولا تأخذ إلا القرارات التي تخدم البلاد، عندها كل التحالفات التي ضدنا ستتحول إلى صداقات».
وأوضح، أن الجزائر أضاعت في 30 سنة الماضية، كثيرا من المصالح «وفقدت دولا صديقة جددت قيادتها وبقينا نخاطب هذه الأخيرة بالطريقة القديمة»، ليشدد على أن «بناء منظومة حكم لتطوير الداخل سيكون أول خطوة لبناء دولة عصرية».
ولفت إلى أن العلاقات الجيدة التي تملكها الجزائر مع بعض الدول «لا يوجد مانع لتطويرها إلى علاقات إستراتيجية، حتى لا نظل مرتبطين بالمستعمر القديم فرنسا».

خروج الجيش

وعاد الخبير العسكري إلى البندين الجديدين في مشروع تعديل الدستور، والمتعلقين بضبط مشاركة الجيش الوطني الشعبي في عمليات حفظ السلام، في إطار الأمم المتحدة، الإتحاد الإفريقي أو جامعة الدول العربية، أو إرسال وحدات قتالية إلى الخارج بعد موافقة البرلمان.
وقال: «إن التعديلين أسيء فهمهما. فلا شيء يمنع الرئيس الجزائري منذ 1962 من إرسال الجيش إلى الخارج»، مفيدا ما أثير منذ سنة 2012، بشأن العقيدة القتالية التي تمنع خروج الجيش «فكرة روجنا لها من أجل الوقوف في وجه الضغوطات الفرنسية على الرئيس السابق من أجل إرسال جيشنا للقتال شمال مالي».
وقال، إن الجانب الإيجابي في دسترة الأمر، هو ربطه بموافقة البرلماني، ما يعطي ضمانة إضافية لأي رئيس لمجابهة الضغوط الخارجية - إن وجدت. مؤكدا في الوقت ذاته، العلاقات الدولية تعلي المصالح على المبادئ، وعلى الجزائر أن تراعي مصالحها إذا ارتبطت بالمشاركة في عملية حفظ للسلام أو خلق عمق استراتيجي لحماية الأمن القومي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19463

العدد 19463

الإثنين 06 ماي 2024
العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024