بروال: منظومة اقتصادية قوية تحدث قطيعة مع الريع والتبعية للخارج
ملياني: الرئيس تبون نجح في فرملة الاستيراد العشوائي وحفّز الاستثمار
إنشــاء هيئتـــين جديدتين ضمن نظرة إستراتيجية حكيمة ذات بعد سيادي
تتجّه السلطات الجزائرية إلى مراجعة الإجراءات المنظمة لعملية الاستيراد من الخارج وضبط إجراءاتها القانونية والرقابية واللّوجتسية، من أجل حماية الإنتاج الوطني والحفاظ على وتيرة نموّه المتسارعة، وكذا ضمان إمدادات كافية للحاجيات الاستهلاكية في السّوق الوطني.
انتقلت الجزائر في السنوات الأخيرة من سياسة الاعتماد على الواردات وانتظار قدوم البواخر المملوءة بالسلع الأجنبية، إلى تحفيز الإنتاج المحلي وتشجيع الاستثمار الداخلي في شتى القطاعات والميادين خاصّة في الصناعات التحويلية الغذائية، بغرض تحقيق الاكتفاء الذاتي، والأمن الغذائي والطاقوي والصناعي والخدماتي والمالي للخزينة العمومية في الأمد القريب.
وبعد أن ارتهن اقتصادها لمستخلصات عوائد الريع النفطي لعقود، بدأت الجزائر فعليا في التفكير بمرحلة الاكتفاء الذاتي والتصدير إلى الخارج، حيث مكنت إصلاحات ورؤية رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من تحقيق فوائض هامة في العديد من المنتجات المحلية وترويجها في الأسواق الأجنبية، مما أسهم في إنعاش الخزينة العمومية بـ7 ملايير دولار كصادرات خارج المحروقات في سنة 2023، وما زالت الجهود متواصلة لرفع القيمة إلى 10 مليار دولار مع نهاية هذا العام، في ظل استمرار الدولة في دعم وتشجيع الإنتاج المحلي والبحث عن أسواق دولية لتسويق السلع جزائرية المنشأ.
وفي هذا الشأن، عبّرت رئيسة الفيدرالية الجزائرية للتنمية والتعاون الاقتصادي المشترك سعاد بروال، في قراءة لمخرجات اجتماع مجلس الوزراء في شقها المتعلق بإنشاء هيئتين للاستيراد والتصدير، عن دعمها التام والمطلق لتوجيهات رئيس الجمهورية، خاصّة فيما يتعلق بإنشاء الهيئتين الوطنيتين المكلفتين بتنظيم وتسيير عمليتي التصدير والاستيراد.
وأوضحت بروال في تصريح لـ«الشعب”، أن إنشاء هيئتي التصدير والاستيراد يأتي في إطار مقاربة إستراتيجية حكيمة ذات بعد سيادي، تهدف إلى ضبط السوق الوطني، وحماية الإنتاج المحلي، وإعادة الاعتبار للاقتصاد الجزائري لجعله أكثر كفاءة وتنظيما وشفافية.
وأبرزت بروال، أن قرار رئيس الجمهورية بإرجاء اعتماد النصوص التنظيمية الخاصة بالهيئتين قصد تعميق الدراسات، وتأكيده على الإشراف الشخصي على مسار التأسيس من خلال اجتماع وزاري مصغّر، هو تعبير جلّي عن الحرص الرئاسي على تأسيس منظومة اقتصادية قوّية، قادرة على إحداث قطيعة تامّة مع الأساليب القديمة التي كرّست الريع والتبعية للخارج، وفتح صفحة جديدة للاقتصاد الوطني بالارتكاز على الاستثمار الداخلي.
وتابعت بالقول: “تثمّن الفيدرالية الجزائرية للتنمية والتعاون الاقتصادي المشترك التوجيهات السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، المتعلقة بضرورة التنسيق المحكم بين وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات والبنك المركزي وباقي البنوك ومصالح الجمارك، وتؤكد أن إشراك المنظمات الاقتصادية والمهنية التي كانت وما زالت طرفًا فاعلاً في ضبط السوق ومحاربة المضاربة وتسقيف الأسعار وتأطير النشاط التجاري والصناعي، في عملية تقنين عمل هذه الهيئات المستقبلية، لتكييف آلياتها مع واقع السوق الوطنية”.
وأضافت بروال أن الفيدرالية أسهمت عبر لجانها المتخصّصة ومجالسها الاستشارية، في عدّة مشاورات قطاعية مع وزارات التجارة والصناعة والفلاحة والصيد البحري والنقل، من أجل المشاركة في جهود تنظيم النشاطات الحيوية وتطوير القطاعات الإستراتيجية الوطنية، لافتة إلى استعدادها لوضع خبرتها الميدانية وهيئاتها الاستشارية رهن إشارة الدولة، لتكون شريكًا بنّاءً في رسم النصوص التنظيمية الخاصة بالهيئتين الجديدتين، واقتراح معايير دقيقة لاختيار الفاعلين الاقتصاديين المؤهلين لعمليتي الاستيراد والتصدير، مع ضمان التكامل بين الإنتاج المحلي واحتياجات السوق.
ومن جهته، أكد رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل والمقاولين محمد يزيد ملياني، أن تسجيل نمو اقتصادي مرتفع بالسنوات الأخيرة تجاوز 4 بالمائة، وصعود الناتج الداخلي الخام للجزائر إلى قرابة 267 مليار دولار، يترجم وجود تسيير كفء ومحكم لدواليب الاقتصاد الوطني، منذ وصول رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى مقاليد الحكم نهاية عام 2019.
وفي تصريح خصّ به “الشعب” قال ملياني، إن رئيس الجمهورية نجح في فرملة الاستيراد العشوائي، وضبط إجراءاته إلى الحد الذي سمح بتقليل فاتورته السنوية، مع تشجيع إنتاج السلع محليا، وتحفيز الاستثمار الداخلي والأنشطة المقاولاتية، بغرض تلبية الاحتياجات الاستهلاكية، وترك فكرة توريد كل شيء من الخارج.
وأشار المتحدث، إلى أن الاقتصاد الوطني مرّ بوضعية معقدة للغاية قبل سنة 2019، جرى خلالها استنزاف موارد الخزينة العمومية من العملات الأجنبية، بسبب الاعتماد الكلي على سياسة الاستيراد وإهمال الإنتاج المحلي لاسيما الفلاحي والصناعي.
كما كانت رؤية رئيس الجمهورية ناجعة في التعويل على الإنتاج الوطني، والذهاب نحو تحقيق اكتفاء ذاتي وتصدير المنتوج الجزائري غير الطاقوي بعديد الشُّعب إلى الأسواق الأجنبية، وهو ما ساهم في زيادة صادرات البلاد خارج المحروقات إلى 7 ملايير دولار سنة 2023 لأوّل مرة منذ الاستقلال، ناهيك عن ارتفاع احتياطي الصرف إلى أكثر من 72 مليار دولار برسم عام 2024 بعد تراجعه سابقًا، يضيف محمد يزيد ملياني.
جدير بالذكر، أن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ترأس أمس الأول، اجتماعا لمجلس الوزراء، تناول عروضا منها إنشاء هيئتين وطنيتين مكلفتين بالاستيراد والتصدير، وأمر بإرجاء العرض الخاص بهما من أجل مزيد من الإثراء للنصوص والآليات القانونية، وسيُشرف عليهما المسؤول الأول شخصيًا من خلال اجتماع وزاري مصغر سينعقد خلال الأيام القليلة المقبلة، بغية إرساء قطيعة مع كل الانحرافات التي شابت هيئات كانت مسؤولة مباشرة على عمليات الاستيراد في السابق.