الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حيمران لـ”الشّعب”:

الرّقمنة أولوية وطنية لتحقيق الشفافية وبنــاء اقتصـاد متنـوّع

خالدة بن تركي

 البنـوك الرّقميـة خطوة نحو المعاملات البنكية الحديثة

 الطاقة البشرية هي العنصر الأساسي في عملية الإنتاج الاقتصادي

 تحظى الرّقمنة باهتمام كبير من قبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إذ شدّد في عديد اجتماعات مجلس الوزراء على ضرورة تعميمها وتسريعها، بالنظر إلى دورها في دعم الاقتصاد وتكريس تنمية مستدامة.

أشاد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حيمران، بالاهتمام الكبير الذي يولي به رئيس الجمهورية، ملف الرّقمنة، مشيرا إلى أنّ التحول الرّقمي لم يعد خيارا، بل أصبح حاجة ماسة، وأكّد أنّ الوقت قد حان للتخلّي عن الأساليب التقليدية والاعتماد على التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة في مختلف المجالات.
وأوضح حيمران في تصريح خصّ به “الشّعب”، أنّ الرّقمنة ليست غاية في حدّ ذاتها، بل تمثل خطوة أولى نحو أهداف أكبر، بينها توظيف البيانات الضخمة والاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وأضاف أنّ هذا التحول يتطلّب إقامة شراكات مع شركات أجنبية تمكّن الجزائر من مواكبة التطورات المتسارعة في هذا المجال.
وسجّل حيمران إلى أنّ الرّقمنة تلعب دورا مهما في دعم الاقتصاد، موضّحا أنّ من أبرز نتائجها تحسين بيئة الأعمال من خلال إنشاء منصات رقمية متنوعة، ومن بين هذه المنصات، توجد منصة خاصة بالمستثمرين، أُنشئت وفقا لقانون الاستثمار وتشرف عليها الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمارات، وتتميّز هذه المنصة بالشفافية، حيث تتيح للمستثمرين تقديم طلبات للاستفادة من العقارات والمشاريع، ويتم التعامل مع هذه الطلبات حسب أسبقية التقديم وترتيبها.
وتوقّف الخبير عند التطور الكبير في مجال الصفقات العمومية، إذ يتم الإعلان عن المناقصات عبر منصات إلكترونية، ما يضمن الشفافية والنزاهة في المعاملات، إضافة إلى تسهيل الإجراءات الإدارية بشكل كبير، حيث يمكن إنجاز العديد من الخدمات عن بعد، مثل تسجيل الشركات لدى المركز الوطني للسجل التجاري، دفع الضرائب، والحصول على التراخيص، ما يساهم في كبح جماح البيروقراطية وتعزيز الشفافية والحوكمة.
وفي مجال التمويل، ظهرت منصات التمويل الجماعي (كراود فوندين) والبنوك الإلكترونية، بدعم من قانون النقد والصرف، ما سهّل عمليات الدفع الإلكتروني عن بعد، وساهم في تسريع وتيرة المعاملات المالية، كما يعرف الاقتصاد الجزائري تنوّعا خارج القطاعات التقليدية، حيث بدأت تظهر قطاعات رقمية جديدة مثل التجارة الإلكترونية، وصناعة البرمجيات والتطبيقات، ما يساعد في تقليل التبعية لعائدات النفط والغاز.
ومن أجل تحقيق التحول الرّقمي، شدّد حيمران على ضرورة وضع إطار قانوني يشمل جميع القطاعات، بهدف حماية البيانات الشخصية وضمان أمن المعلومات، كما دعا إلى تبسيط وتوضيح القوانين الحالية، وتسريع إصدار اللوائح التنظيمية الخاصة بها، وأكّد على ضرورة تطبيق الرّقمنة تدريجيا في الإدارات العمومية، لتحسين جودة الخدمات الإلكترونية.
في السياق، قال الخبير إنّ الإنسان هو العنصر الأساسي في عملية الإنتاج الاقتصادي، ولذلك، من المهم جدّا، مع التوجّه نحو الاقتصاد الرّقمي واقتصاد المعرفة، الاستثمار في تنمية المهارات البشرية وتوفير التدريب المناسب، وذلك من خلال إدخال التعليم الرّقمي في المدارس والجامعات، بالإضافة إلى دعم برامج التكوين المهني، خاصة في مجالات مثل البرمجة، الشبكات، الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، كما نحتاج إلى تشجيع الابتكار والبحث العلمي، خصوصا في مجالات الرّقمنة والذكاء الاصطناعي، بهدف إيجاد حلول ذكية والاستفادة من البيانات بشكل أفضل.
أما في الجانب الاقتصادي، فيعد التحول الرّقمي في المؤسّسات ركيزة أساسية - يقول حيمران - خاصة عند تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال، دون الاعتماد الكامل على تمويل الدولة أو القطاع العام، حيث يجب أن تلعب الشركات دورا فعالا في استخدام أدوات التحول الرّقمي، وتمويل المشاريع التكنولوجية، كما أنّ اعتماد التحول الرّقمي في التجارة الإلكترونية، وقطاع السيارات، والزراعة، والصناعة، يعد خطوة مهمة يجب أن تتحقّق.
ويتطلّب التحوّل الرّقمي- يقول حيمران - رؤية شاملة تشرك جميع الأطراف المعنية، بدءا من الدولة والقطاعين العام والخاص، مرورا بالمجتمع المدني والمؤسّسات التعليمية، فهذا التحول - يؤكّد محدثنا - لا يمكن أن يتم بين عشية وضحاها، بل يحتاج إلى خطة تدريجية واضحة، تعتمد على استراتيجية دقيقة وموارد بشرية وتقنية مؤهّلة لضمان النجاح والاستدامة.
كما أنّ التوعية المجتمعية ضرورية لتعزيز فهم المواطنين لهذا التحول وأهميته، ممّا يضمن توسيع الشمول في الخدمات الرّقمية، ومن المهم أيضا التركيز على تطوير تطبيقات سهلة الاستخدام، وإطلاق حملات توعية حول السلامة الرقمية، إلى جانب وضع معايير صارمة للمعاملات الإلكترونية، ويعد تعزيز الثقة في البنوك الرّقمية خطوة مهمة لتقليل الاعتماد على النقد والانتقال نحو المعاملات البنكية الحديثة.
وأكّد محدثنا أنّ الرّقمنة تؤدي دورا أساسيا في دعم الاقتصاد، حيث تُسهم في عصرنة الخدمات العامة وتحسين جودتها، كما تشجّع على الابتكار ودعم جهود تنويع الاقتصاد، وهي أيضا أداة مهمة لتعزيز النجاعة الاقتصادية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19791

العدد 19791

الخميس 05 جوان 2025
العدد 19790

العدد 19790

الأربعاء 04 جوان 2025
العدد 19789

العدد 19789

الثلاثاء 03 جوان 2025
العدد 19788

العدد 19788

الإثنين 02 جوان 2025