محطة مضيئة على مسار التأسيس للاقتصاد المنتج

جزائــر الإصلاحات..قطــب اقتصادي قـوي وفـق رؤيـة متكاملـة

محمد لعرابي

تكريــس منـاخ استثماري عمــاده الشبــاب والإبتكار

تحوّل في الرؤيــة الاقتصاديـة نحــو الاستثمــار في الرأس المال البشري

تفكيك عوائق التمويل وتشجيع التأجير التمويلي وتأمين المشاريـع وآليــات التمويــل التشاركي

 انطلقت فعاليات الطبعة الأولى للصالون الوطني للخدمات المالية الموجّهة لدعم الاستثمار، تحت شعار “محفّز للاستثمار في الجزائر”، بمشاركة أزيد من 50 عارضًا، وأكثر من 1600 زائر مرتقب، من مستثمرين ومؤسّسات مالية، إلى جانب ممثلي وزارات وهيئات دعم الاستثمار، ليكون دافعا إضافيا لسعي الجزائر الحثيث إلى تكريس مناخ استثماري جذاب، مدفوع بإصلاحات قانونية ومؤسساتية، وتحولات إقليمية ودولية تعيد رسم خارطة الاستثمارات في شمال إفريقيا.

 يشكّل صالون “تمويل 2025”، المنظم من طرف المؤسّسة الجزائرية للشباب وتنمية المقاولاتية، برعاية وزارة المالية، محاولة جديدة لفهم الإشكاليات الحقيقية التي تعترض طريق المستثمر في الجزائر، وتفكيك العوائق المرتبطة بالتمويل، ليكون الابتكار المالي رهانًا مركزيًا لتجاوز فجوة التمويل.
من هذا المنطلق، يسعى الصالون إلى إبراز الحلول المالية المعاصرة، خصوصًا ما يتعلّق برقمنة الدفع والخدمات المالية، التأجير التمويلي، تأمين المشاريع، وآليات التمويل التشاركي، وهي كلها أدوات أصبحت اليوم جزء لا يتجزأ من منظومة الاستثمار العصري.

خارطـــة طريـق نحـــو شمـول مالي فعلـي

 من بين أهم أهداف الصالون، تسليط الضوء على ضرورة توسيع قاعدة الشمول المالي، التي لا تزال نسبتها في الجزائر متدنية مقارنة بالمتوسّط الإقليمي. ورغم وجود شبكة مصرفية واسعة، إلّا أنّ عددًا معتبرًا من المواطنين والمؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة ما زالوا خارج المنظومة البنكية، وهو ما يمثل عائقًا حقيقيًا أمام تحفيز الإدّخار الوطني وتوجيهه نحو الاستثمار المنتج.ولعل “شارع البنوك” الذي يحتل أحد أجنحة المعرض، يرمز لهذا التحدي، إذ يتيح للمصارف استعراض عروضها التمويلية، وفتح حوار مباشر مع رواد الأعمال والمهنيّين، كما أنّ “بهو التأمين” و«جناح دعم الاستثمار” يشكّلان منصتين لتبادل الخبرات وتقييم مدى فعالية منظومة الضمانات والتحفيزات المالية التي توفرها الدولة.

الشبــاب والمقاولاتية في صلــب المعادلـة

 رغم الأهمية المحورية للمستثمرين الكبار، يبقى الاستثمار الحقيقي في الجزائر مرهونًا بمدى إدماج الشباب وحاملي المشاريع الصغيرة والمتوسّطة في الدورة الاقتصادية، ومن هذا المنظور، خصّص صالون “تمويل 2025” فضاءً لطلبة الجامعات لعرض مشاريع تخرّجهم، وهو ما يعكس تحولًا في الرؤية الاقتصادية نحو الاستثمار في الرأس المال البشري، وإدماج الجامعات في آليات التنمية، كما أنّ مسابقة “الهاكاثون” التي تنظم خلال الفعاليات، ترمي إلى تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة تتعلّق برقمنة المعاملات المالية، وتسهيل ولوج المؤسّسات الناشئة إلى سوق الأوراق المالية، وتكريس مبدأ الأمن السيبراني كمكوّن أساسي في منظومة التمويل العصري.

آفــاق واسعــة للإستثمــار

 وتمتلك الجزائر إمكانات ضخمة تجعل منها قطبا اقتصاديا قويا، بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي، والموارد البشرية والطبيعية، والإصلاحات الجذرية التي أجراها الرّئيس تبون ستتمكّن من تحويل هذه المزايا إلى واقع اقتصادي منتج وفق رؤية متكاملة، تتجاوز النظرة الكلاسيكية للتمويل، وتدمج التكنولوجيات الحديثة، والحوكمة الرّشيدة، والمناخ المؤسّسي الشفاف.صالون “تمويل 2025” يمثل محطة من بين محطات عديدة على مسار النهوض بمنظومة الاستثمار في الجزائر الجديدة. وقد تكون أهم مخرجاته هي بناء ثقافة مالية واستثمارية جديدة، تُدرك أنّ تمويل المشاريع لا يُختزل في القروض البنكية، بل في بناء منظومة تشجّع المبادرة، وتحمي المخاطر، وتضمن تكافؤ الفرص.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19838

العدد 19838

الجمعة 01 أوث 2025
العدد 19837

العدد 19837

الخميس 31 جويلية 2025
العدد 19836

العدد 19836

الأربعاء 30 جويلية 2025
العدد 19835

العدد 19835

الثلاثاء 29 جويلية 2025