ترددتُ كثيراً في كتابة هذا المنشور، لكن لعظمة هذا الابتلاء، سأكتبه سائلة فيه وجه الله تعالى، وأن يكون تثبيتاً لمن تلوعوا بنار الأسئلة، منذ أن استشهد أطفالي وأنا يؤرقني سؤال (هل تعذبوا لحظة القصف؟
أكرمني الله برؤياهم في رؤيا مباركة
إذ رأيت أنني أدخل غرفة مليئة بالأسرّة ينام فيها أطفال كثر، وكان كل سريرين متقابلين واستحضرت الآية الشريفة “ على سرر متقابلين” حتى وجدت ثلاثة أسرّة، واحد ليامن وآخر لكنان وآخر لأوركيدا
فقبّلتهم والله قد تتعجبون، فقد أحسست وجه يامن على خدي تماماً كما كنتُ أحسه في الدنيا وكذلك كنان وأوركيدا، ثم تحلّقوا حولي فسألتهم سؤالاً
(لمّا قصفوكم اليهود زعلتوا؟)
ردّت عليّ حبيبتي أوركيدا بإجابة عظيمة وكانت مغمضة العينين وكلها نور وجلال، كلّما تذكرت ما سمعته منها اقشعر بدني
قالت:
(هذا امتحان
واحنا صبرنا
واحنا راضيين فيه
وأسأل الله أن يرضى عنّا)
والله صحوت وأنا أرتعش، وأقول كيف لطفلة عمرها 6 سنوات أن تعلّمني حقيقة الدنيا والتسليم بهذه العظمة، وليست أي طفلة، بدأت أفكّر يعني ما هو ابتلائي أمامها
أوركيدا وأخوتها حاصرهم الاحتلال وأفزعوهم وكسّروا مقتنيات المنزل، ثم طلبوا منهم الخروج الآمن من المكان فلم يسمحوا لهم، ثم منعوا تنسيق الصليب الأحمر ليخرجهم من هناك، وكانت تقول لي هي ويامن بأن جرافات الاحتلال تهدّ عليهم جدران المنزل شيئاً فشيئاً، ثم قصف عليهم الاحتلال المنزل، لتظلّ حبيبتي هي ويامن وكنان وكرمل 4 أشهر تحت الركام
وحينما سألتهم هل قصف اليهود أزعلكم
ردّت عليّ بنور العارفة بربها
إنّ كل ما يحدث معنا هو امتحان بحقّ، ويتطلب الصبر والرضا، وحين يظنّ المرء بأنّه حين يصبر ويرضى بأنّه قد أوفى الله حقه فهو ليس كذلك، بل عليه أيضاً بعد كل هذا الصبر والرضا أن يسأل الله أن يرضى عنه
أوركيدتي:
دوّنتُ عبارتكِ داخل قلبي وعبر ترددات روحي، لقد وصلَتْ رسالتك يا شهيدتي الحبيبة، لقد بلّغتِ وشهدتُ على تبليغك
وأسأل الله أن يكتب لنا أجور الصابرين الراضين وأن يرضى عنا
اللهم ارض عن يامن وكنان وأوركيدا وكرمل وكل شهداء غزّة وشعبها ملء السماوات والأرض واكتب لنا الفرج والجبر يا عظيم السماوات والأرض
وحسبي الله ونعم الوكيل